الحرية رائعة... ولكن!!!

الحرية رائعة... ولكن!!!
اتفق العقلاء من بني البشر على اختلاف شعوبهم وقبائلهم ومللهم ونحلهم على أنه ما من سبيل للسعادة في هذه الحياة الدنيا إلا إذا عاش كل إنسان فيها ما قدره الله له حراً طليقاً عزيزا مكرما، يسيطر عن إدراك وتبصر على جسمه وعقله ونفسه ووجدانه وفكره وشهواته، والحرية شمس يجب أن تشرق في كل نفس بشرية، لأن من عاش محروماً منها عاش في ظلمة حالكة يتصل أولها بظلمة الرحم وآخرها بظلمة القبر.
والإنسان الحر بطبيعته وفطرته التي فطر الله الناس عليها يستعصي على الذل والهوان والعبودية والخنوع لغير الله،  إلا أنه قد يُصبح عبدا إذا طمع، وعلى النقيض من ذلك فإن العبد يصبح حرا إذا قنع، والحر يبقى حرا ولو مسه الضر وتسلطت عليه جميع النقم والرزايا والمحن، وقد قال الشعراء الأواخر منهم والأوائل في ذلك أقوالا وحكما بليغة:
إِذَا  لَمْ   تَكُنْ  أَرضِي  لِنَفْسِي  مُعِزَّةً       فَلسْتُ  وَإنْ    نَادَتْ   إليَّ   أُجِيبُهَا
وَسِرْتُ   إِلَى   أَرْضٍ  سِواهَا  تُعِزُّنِي      وإنْ كَانَ لا يَعْوي مِنَ الْجَدْبِ ذِيبُهَا
والحرية بمفهومها الكوني الأسمى والتكريم الأعلى لبني البشر، بعيدا عن مفهوم المنظمات الماسونية وأذيالها وبياذقها الذين زرعتهم ورعتهم في أوطاننا، لا تعني البتة فسقا وفجورا وانحطاطا أخلاقيا كما يدعي عبدة الأهواء من أدنياء الهمم ومنحطي النفوس والذمم، بل هي على النقيض من ذلك عز وشرف وعلو همة لمن يمشون على الأرض هونا، الذين إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، أرجلهم في الترى وهمة همتهم في الثريا، ودر الله الشيخ العلامة يوسف الدجوي عندما قال في أدنياء النفوس :
لَقَدْ  ظَهرَتْ  حَوَادِثٌ لاَ تُطَاقُ      وقَوْمٌ   مَا   لِأَكْثَرِهِمْ    خَلاَقُ
فَأَمْوَالٌ    تُبَعْثَرُ    في    فَسَادٍ       وَكَمْ  وَسَطَ  النَّهَارِ  دَمٌ  يُرَاقُ
وَكَمْ ظُلْمٍ تَسَرْبَل ثَوْبَ  عَدْلٍ       وَكَمْ   ضِغْنٍ   يُغَطِّيهِ   النِّفَاقُ