صفعة القرن على قفا الأنظمة العربية الخائنة

يَا   قَوْمِ   لاَ  تَتَكَلَّمُوا      إِنَّ    الْكَلاَمَ    مُحَرَّمُ
نَامُوا   وَلاَ  تَسْتَيْقِظُوا      مَا    فَازَ   إلاَّ   النُوَّمُ
وَإِذا ظُلِمْتُمْ فَاضْحَكُوا      طَرَباً   وَلاَ    تَتَظَلَّمُوا
وَإذَا  أُهِنْتُمْ   فَاشْكُرُوا      وَإذَا  لُطِمْتُمْ  فَابْسِمُوا
إِنْ قِيلَ  هَذَا  شَهْدُكُمْ      مُرٌّ    فَقُولُوا     عَلْقَمُ
أَوْ  قِيلَ  إِنَّ   نَهَارَكُمْ      لَيْلٌ    فَقُولُوا    مُظْلِمُ
أَوْ  قِيلَ  إِنَّ   بِلاَدَكُمْ      يَا  قَوْمِ  سَوْفَ  تُقَسَّمُ
فَتَحَمَّدُوا     وَتَشَكَّرُوا      وَتَرَنَّحُوا       وَتَرَنَّمُوا
الشاعر العراقي معروف الرصافي رحمه الله
صفعة القرن على قفا الأنظمة العربية الخائنة
كيف أمكن أن تتحول قضية فلسطين المحورية إلى نوع من الدعارة السياسية ومقايضة العرض بالمال عند الأنظمة العربية المتداعية والمنتهية الصلاحية، لو لم تكن هذه الأنظمة الكرتونية الْمُفْتَقِدَةُ للعزة والكرامة متواطئة ومطبعة مع الكيان العنصري الصهيوني من تحت الطاولة منذ زمان؟
هذه الصفعة التي تروم تصفية القضية الفلسطينية وإسقاطها بالضربة القاضية بطريقة أقل ما يقال عنها أنها مهينة ومذلة لجميع  العرب والمسلمين، بحيث استطاع الصهاينة وعرابهم الأمريكان تحويل قضية فلسطين المحورية والمصيرية إلى نوع من التبزنيس والبيع والشراء في سوق النخاسة العالمي، وذلك بدفع رشاوي من أموال البترودولار السائبة على شكل استحمارات أو استثمارات-سموها ما شئتم-تقدر ب 50 مليار دولار على مدى عشر سنوات، سيسلخها الأمريكان من جلود حكام الخليج التي لا تصلح إلا للسلخ كلما جاء ذكر هؤلاء على لسان ترامب، وسوف تخصص منها  28 مليار دولار للفلسطينين بالضفة الغربية وقطاع غزة، والباقي سيوزع كالتالي: 9 مليارات دولار لمصر، 7.5 مليار دولار للأردن و مليارات دولار للبنان لدعم اقتصاد هذه الدول كما تحكي هذه الصفعة.
ويُتداول من خلف الكواليس بأن الشيطان الأكبر  الأمريكان كما يسميهم الإيرانيون -وهم على صواب في ذلك- يخطط في الخفاء لخفض حصة الفلسطينيين من الأراضي إلى النصف، بحيث أن حصة الفلسطينيين من الأراضي التي كانت مقدرة بحوالي 22 بالمئة من مساحة الأراضي الفلسطينية أثناء فترة الانتداب، سوف تنخفض إلى نسبة 11 بالمئة، وذلك في ظل تكريس الأمر الواقع، إضافة إلى اعتبار القدس عاصمة لعصابات الصهاينة، وترسيم ذلك من خلال نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس ترسيخا لمنطق غلبة القوي على الضعيف.
 ولم تكتف صفعة القرن هذه بتشويه القضية الفلسطينية وتبخيس تضحيات الشعب الفلسطيني على مدى 71 عام، بل تسعى إلى خلق كيان فلسطيني معوق ينزل مولودا نصف عورة ونصف فم كما قال الشاعر العراقي مظفر النواب، على شكل غيتو أو سجن كبير منزوع السلاح، يسيطر الصهاينة على حدوده وأجوائه وأفكار سجنائه وحركاتهم وسكناتهم، وهذه على أية حال صورة مشابهة للوضع الحالي، حيث يعاني الفلسطينيون من العزلة في محميات صغيرة أقل ما يمكن وصفها به أنها تشبه نظام الفصل العنصري الذي ساد دهرا في جنوب أفريقيا قبل اندحاره بفعل النضال المستميت والتضحيات الجسام لنلسون مانديلا ورفاقه.
كما أن صفعة القرن هذه تروم إسقاط حق العودة بالنسبة للاجئين الفلسطينيين البالغ عددهم ستة ملايين نسمة، وتساند بقوة رفض العدو الصهيوني مغادرة جميع الأراضي المحتلة، وتغض الطرف في إصراره على مواصلة مشاريعه الاستيطانية والتهويدية في تحد سافر لجميع قرارات ما يسمى بالأمم المتحدة التي تتفرج عبر شاشات البلازما على المجازر اليومية التي ترتكبها العصابات  الصهيونية بحق الفلسطينيين.
وفي ظل هذا الوضع الذي تنكر فيه الخونة للحق مقابل دولارات معدودات، لم يتبق أمام  الفلسطينيين إلا الاعتماد بعد الله تعالى على أنفسهم وعلى أحرار العالم من الأمم المقاومة للإمبريالية والصهيونية العالمية، والعمل منذ الآن بحزم وعزيمة أكبر على بعث روح جديدة في المقاومة بشتى الوسائل،  والاستمرار باستراتيجية المقاومة والانتفاضة بنفس طويل، مع زيادة زخمها وتطوير أساليبها في مواجهة الاحتلال الصهيوني المقيت في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948.