أَبـُولـُو 11؟؟ ... وَالـُـو 11؟

في 21 من يوليوز سنة 1969 وطأت، على ما يبدو من لقطات الفيلم المصور لوكالة ناسا الأمريكية، لأول مرة في التاريخ قدما رائدي الفضاء 'بز ألدرن' و'نيل أرمسترونج' سطح القمر، و مشيا فوقه كما تمشي الروبوتات خطوات قليلة وصغيرة علقوا عليها بأنها كبيرة للبشرية، فنصبا عدة أجهزة للتجارب العلمية بالإضافة إلى غرس علم الولايات المتحدة الأمريكية على سطح القمر كأول دولة تطأ سطحه في رسالة قوية ومشفرة للخصم العنيد آنذاك الاتحاد السوفياتي الذي كان السباق إلى غزو الفضاء قبل الأمريكان بكثير، وجابت هذه الصور واللقطات  جميع أرجاء المعمور في لحظة واحدة، فأبهرت الجميع واستحوذت على وسائل الإعلام لفترة طويلة من الزمن، وأصبحت اليوم من البديهيات التي يؤمن بها الصغير والكبير على حد سواء.
 لكن هذا لم يمنع من ظهور نظرية مثيرة للغاية، يصدقها حاليا 20 %  من الشعب الأمريكي، تنفي إطلاقا هبوط الأمريكان على سطح القمر، وأن كل هذه العجعجة لا تعدو أن تكون  سوى نوع من الخدع السينمائية  المفبركة والمحبوكة التي عودتنا عليها استوديوهات هوليود التي لا تنام لا بالليل ولا بالنهار، وقد تم إنتاج الكثير من الأفلام التوثيقية التي تشكك في حقيقة تحقيق السبق في زيارة الأمريكان للقمر قبل الروس  في أواخر ستينيات القرن الماضي، وكل ذلك مدعوم بالكثير من الحجج الدامغة والباهرة أحيانا لدرجة لا يمكن تجاهلها أو الانتقاص من بنائها المنطقي، ولقد سلطت هذه الأفلام التوثيقية الضوء على عدة تناقضات صارخة تظهر في الفيلم المصور الذي أنتجته وكالة ناسا نفسها، وكما يقول المثل المغربي ''من لحيتو لقم ليه''، هذه التساؤلات والتناقضات التي لم يستطع حتى خبراء ناسا من الإجابة نها إجابات شافية وافية ومقنعة ومعللة تعليلا منطقيا لا يرقاه الشك.
وما يمكن استنتاجه من هذه الأفلام التوثيقية جميعها، سواء وطأت أقدام الأمريكان سطح القمر أم لا، هو أن تفسير وتأويل الصور والأحداث من خلال الواقع المعاش والتجربة الإنسانية على مر التاريخ غالبا ما تكون أهم من الحدث نفسه، الشيء الذي يفتح الباب على مصراعيه لنظرية المؤامرة، وهذا ما يدفعنا ويحثنا على أهمية الحفاظ على فكر متيقظ حر ونقدي اتجاه كل ما تقدمه شاشات التلفزيون وشبكة الإنترنت وجميع وسائل الإعلام الأخرى، لأنه ليس بالضرورة كله صحيح لا يرقى إليه أدنى شك، ومن الغباء حقا تصديق كل ما تقدمه هذه الترسانة الإعلامية والمعلوماتية الجبارة واعتبار كل ما تروج له صحيحا ومنزها عن الخطأ، تلكم الترسانة التي تصل بها الجرأة أحيانا إلى تلغيم وتسميم الأفكار عن قصد للتلاعب بالعقول وتكوين رأي عام منوم مغناطيسيا ومستسلم استسلاما تاما لكل ما يتم حشوه في دماغه من صور وأفلام وأخبار عن طريق التكرار. 
وهذه الآلة الجبارة التي تسمى الإعلام عندما تفعل ذلك فإنها تعتمد على الاكتفاء بالمستويات الخارجية التي تشكل غالبا قناعا يخفي الحقائق بقدر ما يعبر عنها، وتكمن الخطورة الكبرى في هذا النوع من الإعلام في إطلاقه أحيانا أحكاما قطعية ونهائية بشكل مضلل وصارخ، وتزداد الخطورة إلى مستويات قياسية عندما يكون المتلقي غير محصن بما فيه الكفاية وذو نفاذية عالية مثل التربة الرملية التي تمتص كل ما يلقى عليها من مياه حتى العفنة والوسخة منها، الوضع الذي  لا يستطيع من خلاله هذا المتلقي أن يكون لنفسه تفكيرا نقديا مبنيا أساسا على الموضوعية والمنطق وبعيدا كل البعد عن الأحكام الجاهزة، والقوالب الجامدة، والتجارب الناقصة، والملاحظات السطحية، والتعميمات المتسرعة، اتجاه الطوفان المعلوماتي والإعلامي الذي أضحى يُغرق في يم عميق إنسان القرن الواحد والعشرين، إعلام يطغى فيه الكمي على النوعي، إعلام بدون كوابح ولا أخلاق ولا قيم، إعلام قائم بالأساس على استعباد البشر  وشراء أغلبهم، إلا ما نذر، بالمال ولا شيئ غير المال. 
لقد صدق محيي الدين بن عربي لما ضرب برجله فوق المكان الذي كان يخطب به بالمسجد وقال للناس: "إن معبودكم تحت قدمي هاتين"، فشاع هرج ومرج وكفَّرَهُ الناس، الذين كانوا في ظاهرهم يسجدون لله وفي باطنهم  يعبدون الدرهم والدينار، واتهموه بالزندقة والخروج عن الملة وهدروا دمه وما أكثر هؤلاء حين تعدهم، ومرت أيام الله متتالية وانتقل الشيخ إلى دار عند ربكم تختصمون يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله، وتبين فيما بعد للجميع أن المكان الذي ضرب فوقه برجليه يحوي كميات كبيرة من الذهب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق