أمثال شعبية مغربية 13

أمثال شعبية مغربية 13
بْنَادَمْ غِيرْ إِدَخْلُوهْ لَفْلُوسْ كَيْوَلِّي مْضَى مَنْ مُوسْ
من طبيعة بني آدم أن يستعلي في الأرض ويقسو قلبه ويصبح حاد الطبع مثل الـموس أي السكين، عندما تُقبل عليه الدنيا بحطامها وزخارفها وأبهتها، وعند هذا الحد تتراجع الأخلاق إلى الخلف وتتوارى عن الأنظار، وتترك الساحة لمجموعة من الوحوش المفترسة في صورة بني آدم، بالرغم من  مظاهرها وزينتها وأناقتها ولباقتها في كلامها وخطاباتها المنمقة، ينطبق عليها قول الشاعر ابن المبارك:
يَا   جَاعِلَ   الْعِلْمِ  لَهُ   بَازِيّاً       يَصْطَادُ  بِهِ  أَمْوَالَ  الْمَسَاكِينِ
احْتَلْتَ     للِدُّنْيَا     وَلَذَّاتِهَا       بِحِيلَةٍ      تَذْهَبُ      بِالدِّينِ
فَصِرْتَ  مَجْنُوناً  بِهَا  بَعْدَمَا       كُنْتَ     دَوَاءً      لِلْمَجَانِينِ
أَيْنَ  رِوَايَاتُكَ  فِي  مَا مَضَى       عَنْ  ابْنِ  عَوْنٍ  وَابْنِ  سِيرِينِ
وَدَرْسُكَ     الْعِلْمَ    بِآثَارِهِ        فِي   تَرْكِ  أَبْوَابِ  السَّلاَطِينِ
تَقُولُ: أُكْرِهْتُ، فَمَاذَا كَذَا        زُلَّ  جِمَارُ  الْعِلْمِ  فِي  الطِّينِ
لاَ تَبِعِ الدِّينَ   بِالدُّنْيَا  كَمَا       يَفْعَلُ      ضُلاَّلُ      الرَّهَابِينِ
وَقْتْ الضِّيقْ لاَ خُو وَلاَ صْدِيقْ
في أوقات الشدة يتلمس المرء جوانبه كالأعمى عسى أن يجد متكئا يخفف عنه هول وجلال الـمُصاب، غير أنه لا يجد غير الشيح والريح، في مثل هذه الأوقات تذبل الصداقات وتصبح هشيما تدروه الرياح،  وتأفل الأخوة وتنكسر أواصر الدم على صخورها الصلدة المتبجحة بالأموال وحطام الدنيا، ويدرك المرء أنذاك أنه سائر في بيداء قاحلة لا هادي له فيها إلا إرادته الحرة ليتحمل تبعات ما لم تجن يداه، وكما قال االشاعر المثقب العبدي:
فَإِمَّا   أَنْ   تَكُونَ  أَخِي  بِحَقٍّ      فَأَعْرِفُ مِنْكَ غَثِّي مِنْ  سَمِينِي
وَإِلاَّ    فَاطْرُحْنِي    وَاتَّخِذْنِي      عَدُوّاَ       أَتَّقِيكَ      وَتَتَّقِينِي
كُلّْ شِي تْغَرْسُو  إِنَفْعَكْ إِلاَّ بْنَادَمْ تْغَرْسُو إِقْلّْعَكْ
التاريخ سيد الأساتذة في أن لا ثقة في كحل الراس، والثقة الزائدة عن اللازم تعود على صاحبها بالندامة حيث لا ينفع الندم،  وتؤدي به عاجلا أم آجلا إلى أن يُصاب بسهم الخيانة فَيُردِيه في الحال، فكم من ملوك وكم من رؤساء  ومن علية قوم كانوا بالأمس سادة في مواقعهم حتى انقلب عليهم اكحل الراس  وأصبحوا كأنهم ما كانوا.
الرّْجَالْ بَالـهِمَّة أَمَّا اللِّحْيَة رَاهْ تْصِيبْهَا حَتَّى عَنْدْ العَتْرُوسْ
العتروس هو ذكر المعز، وكما أن الفيلسوف ابن رشد اعتبر أن اللحية لا تصنع الفيلسوف، فهي أيضا ليس بإمكانها أن تصنع الواعظ التقي الكامل التدين، والحكمة في الرأس وليست في الاعتناء باللحي، وكما قال المهلب بن أبي صفرة:"يعجبني في الرجل أن يكون عقله زائدا على لسانه"، لا أن تكون لحيته زائدة على عقله، انظر أيضا 'الشّفَّارْ رَبَّى اللّحْيَة وُقَالْ لِيهُمْ أَنَا فْقِيهْ' في أمثال شعبية مغربية 10، وما أكثر هؤلاء النصابين ذوي التدين المنقوص في هذا الزمان، و'الَّلــحْيَـة  وُقلّـْـة  لَـحْــيَـا' في أمثال شعبية مغربية 7.
الشَّابَّة تْشُوفْهَا زِينَة وُهِي فَالْصُو فَالْعْجِينَة
كلمة فالصو تعني فاشلة، وهي كلمة مولدة من المصطلح الإنجليزي false، انظر أيضا 'الـمْرَا اللِّي عَنْدْهَا الظّْفَارْ عَمَّرْ القَصْرِيَّة مَا تْكُونْ عَنْدْهَا فَالدَّارْ' في أمثال شعبية مغربية 7، و'الـمْرَا اللِّي تْطُوفْ عَمْرْهَا مَا تَغْزَلْ صُوفْ' و 'الـمْرَا خَلّيتْهَا فَالدّارْ وُلْقِيتُهَا فْبَارْ'، 'مْشَاتْ تْجِيبْ القَزْبُورْ رَجْعَتْ حَامْلَة بِسَبْعْ شْهُور'ْ في أمثال شعبية مغربية 9، وللشاعر علي الجازم شعر رفيع عن الجمال الحقيقي للفتاة:
زِينَةُ   الْوَجْهِ  أَنْ  تَرَى   الْعَيْنُ   فِيهِ        شَرَفاً     يَسْحَرُ     الْعُيُونَ    وَنُبْلاَ
وَاجْعَلِي    شِيمَةَ    الْحَيَاءِ   خِمَاراً        فَهُوَ     بِالْغَادَةِ     الْكَرِيمَةِ    أَوْلَى
لَيْسَ   لِلْبِنْتِ   فِي  السَّعَادَةِ    حَظٌّ        إِنْ   تَنَاءَى   الْحَيَاءُ   عَنْهَا   وَوَلَّى
وَالْبِسِي  مِنْ  عَفَافِ  نَفْسِكِ   ثَوْباً        كُلُّ   ثَوْبٍ   سِوَاهُ   يَفْنَى   وَيَبْلَى
وَإِذَا   مَا  رَأَيْتِ   بُؤْساً    فَجُودِي        بِدُمُوعِ   الإِحْسَانِ  يَهْطِلْنَ  هَطْلاَ
فَدُمُوعُ  الإِحْسَانِ  أَنْضَرُ فِي  الْخَدِّ        وَأَبْهَى      مِنَ     الَّآلِي    وَأَغْلَى
وَانْظُرِي فِي الضَّمِيرِ إِنْ شِئْتِ  مِرْآ         ةً   فَفِيهِ   تَبْدُو  النُّفُوسُ   وَتُجْلَى
شْرَبْنَا مَنْ البِيرْ مِنِّي كَانْ الـمَا فِيهْ زِينْ، لَكِنْ مْنِينْ تـْخَلْطُوا فِيهْ الِيدِّينْ خَلِّينَاهْ لَغْسِيلْ الرَّجْلِينْ
البير أي البئر، ويقصد بالمثل على أن الوفاء الحقيقي الصادق لا يمكن بتاتا أن  يشترك فيه أكثر من اثنين، لأنه إن لم يكن كذلك فسوف يفسد كماء البئر عندما تختلط عليه كثرة الأيدي، فيُضحي عند ذلك غير صالح للشرب وإنما لغسل القدمين ليس إلا، مع العلم أن الوفاء من أخلاق الملائكة والجحود من طبيعة البشر كما عبر عن ذلك الشاعر المصري إبراهيم ناجي رحمه الله.
الجُرْحْ يَبْرَا وِيصِيرْ مَلْمُومْ وُكْلاَمْ العَارْ يَبْقَى فَالقَلْبْ مَوْشُومْ
جرح السنان ولا جرح اللسان، فجرح السنان يمكنه أن يلتئم ويُشفى، لكن جرح اللسان يبقى موشوما إلى الأبد في القلب، انظر أيضا 'الضّرْبْ بَالْفَاسْ وَلاَ مْعَايْرَتْ النّاسْ' في أمثال شعبية مغربية 2.
اللِّي يَعْرَفْ عَزُّو كْلاَمْ النَّاسْ مَا إِزَعْزْعُو
من عرف مقامه وعزه لا يمكن لكلام الناس أن يزعزعه، انظر أيضا 'الجْبَلْ مَا إِهَزُّو رِيحْ' في أمثال شعبية مغربية 2، أو كما قال الشاعر:
قَدْ هَبَّتِ الرِّيحُ طُولَ الدَّهْرِ وَاخْتَلَفَتْ        عَلَى   الْجِبَالِ   فَمَا   نَالَتْ  رَوَاسِيهِ
صَاحْبْ السُّوءْ كِيفْ الَفْحَمْ إِلَى مَا حَرْقَكْ إِسَوَّدْ لِيكْ وُجْهَكْ
يُضرب المثل لخطورة رفيق السوء، فهو كمثل الفحم إن لم يحرقك سود وجهك أمام الملأ فانتقص من قيمتك، وهو من ينطبق عليه قول أبي العلاء المعري:
وَسَيَّانَ    مَنْ    أُمُّهُ   حُرَّةٌ       حِصَانٌ   وَمَنْ   أُمُّهُ  فَرْتَنَى*
زَمَانٌ     يُخَاطِبُ    أَبْنَاءَهُ       جِهَاراً وَقَدْ جَهِلُوا مَا  عَنَى
اجْعَلْ الخِيرْ فَاهْلُو وُفِي غِيرْ أَهْلُو حَتَّى إِجِيبْ الله اللِّي إِسْتَاهْلُو
افعل الخير في من يستحق وفي من لا يستحق حتى يأتي الله بمن هو أهل له، انظر أيضا ' اعْمَلْ خِيرَكْ وَارْمِيهْ فْبْحَرْ جَارِي إِلَى ضَاعْ عَنْدَ الْعَبْدْ مَا يْضِيعْ شِي عَنْدَ الْبَارِي' في أمثال شعبية مغربية 9، واعمل بقول أبي العلاء المعري:
عَلَيْكَ  بِفِعْلِ  الْخَيرِ  لَوْ  لَمْ يَكُنْ لَهُ      مِنَ الْفَضْلِ إِلاَّ حُسْنُهُ فِي الْمَسَامِعِ
هوامش:
المرأة الفَرْتَنَى: الزانية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق