"إِنَّ العَدْلَ مِيزَانُ اللهِ الَّذِي وَضَعَهُ لِلْخَلْقِ وَنَصَّبَهُ لِلْحَقِّ، فَلاَ تُخَالِفْهُ فِي مِيزَانِهِ، وَلاَ تُعَارِضْهُ فِي سُلْطَانِهِ"
أدب الدنيا والدين للعالم العلامة الماوردي رحمه الله
حدثنا في كتابه الممتع والمفيد "الأمثال والحكم" العالم العلامة أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي رحمه الله (974-1058م)، الأستاذ في الحديث والتفسير، والفقيه الحافظ وقاضي القضاة، وأحد الأعلام الكبار للمذهب الشافعي فقال:
قِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاء: مَا الْعَدْلُ؟ قال: اتِّباَعُ الْهُدَى، وتَرْكُ الهَوَى؛
قيل: فما الْحَزْمُ؟ قال: الصَّبْرُ على الْعَاجِلِ، والتَّأَنِّي في الآجِلِ؛
قيل: فما الْكَرَمُ؟ قال: تَأْدِيَّةُ الْحُقُوقِ، وَرِعَايةُ الصَّدِيقِ؛
قيل: فما اللُّؤْمُ؟ قال: طَلَبُ اليَسيرِ، ومَنْعُ الكَثِيرِ؛
قيل: فما العِزُّ؟ قال: كَثْرَةُ الْمَالِ، والاكْتِفَاءُ على كُلِّ حَالِ؛
قيل: فما الذُلُّ؟ قال: شِدَّةُ الإِفْلاَسِ، والانْكِسَارُ عِنْدَ النَّاسِ؛
قيل: فما الدَّنَاءَةُ؟ قال: إحْرَازُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ، وإسْلاَمُهُ عِرْسَهُ؛
قيل: فما الْحِلْمُ؟ قال: العَفْوُ بَعْدَ القُدْرَةِ، والرِّضَا بَعْدَ السُّخْطِ؛
قيل: فما الْعَقْلُ؟ قال: سُرْعَةُ الفَهْمِ، وَقِلَّةُ الوَهْمِ؛
قيل: فما الْخُرْقُ؟ قال: سُرْعَةُ الوَثْبَةِ، والعَجَلَةُ قَبْلَ الفُرْصَةِ؛
قيل: فما الـجَهْلُ؟ قال: الطَّيْشُ عِنْدَ الغَضَبِ، والـحِقْدُ عِنْدَ السُّخْطِ؛
قيل: فما الشَّجَاعَةُ؟ قال: الْعَزْمُ عَلَى التَّقَدُّمِ، والتَّثَبُّتُ قَبْلَ التَّنَدُّمِ؛
قيل: فما الْجُبْنُ؟ قال: الضَّنُ بِالْحَيَاةِ، والْحِرْصُ على النَّجَاةِ؛
قيلَ: فما الرِّفْقُ؟ قال: دَرْكُ الكَثِيرِ بِالشَّيْءِ اليَسِيرِ؛
قيل: فما السُّؤْدَدُ؟ قال: بَذْلُ النَّدَى، وكَفُّ الأَذَى، ونَصْرُ الـمَوْلَى؛
قيل: فما الْقَنَاعَةُ؟ قال: الصُّحْبَةُ بِالْعَفَافِ، وَالرِّضَا بِالْكَفَافِ؛
قيل: فما الْعِيُّ؟ قال: قِلَّةُ الصَّوَابِ، والِإبْطاءُ عَنِ الْجَوَابِ؛
قيل: فَمَا الدَّهَاءُ؟ قال: النَّظَرُ فِي الْعَواقِبِ، والتَّجَمُّلُ عِنْدَ النَّوَائِبِ؛
قيل: فَمَا الأدَبُ؟؛ قال: التَّجَرُّعُ لِلْغُصَّةِ حَتَّى تُنَالَ الفُرْصَةُ؛
قيل: من السَّعِيدُ؟ قال: مَنْ اعْتَبَرَ بِأَمْسِهِ وَنَظَرَ لِنَفْسِهِ؛
قيل: من الشَّقِيُّ؟ قال: مَنْ جَمَعَ لِغَيْرِهِ، وبَخِلَ عَلَى نَفْسِهِ؛
قيل: فمن الْحَازِمُ؟ قال: مَنْ حَفِظَ مَا فِي يَدِهِ، وَلَمْ يُؤَخِّرْ شُغْلَ يَوْمِهِ إِلَى غَدِهِ؛
قيل: فمن الْمُنْصِفُ؟ قال: مَنْ لَمْ يَكُنْ إِنْصَافُهُ لِضُعْفِ يَدِهِ وَقُوَّةِ خَصْمِهِ؛
قيل: فَمَنِ الْجَوَادُ؟ قال: مَنْ لَمْ يَكُنْ جُودُهُ لِدَفْعِ الأَعْدَاءِ، وَطَلَبِ الْجَزَاءِ؛
قيل: فَمِنَ الْمُحِبُّ؟ قال: مَنْ لَمْ تَكُنْ مَحَبَّتُهُ لِبَذْلِ مَعُونَةٍ أَوْ حَذْفِ مَؤُونَةٍ؛
قيل: فَمِنَ الْحَلِيمُ؟ قال: مَنْ وَصَلَ مَنْ قَطَعَهْ، وَأَعْطَى مَنْ حَرَمَهْ، وَأَعْفَى عَمَّنْ ظَلَمَهْ؛ وَلَمْ يَكُنْ حِلْمُهُ لِفَقْدِ النُّصْرةِ، وَعَدَمِ القُدْرَةِ؛
قيل: فَمِنَ الشُّجَاعُ؟ قال: مَنْ رَدَّ جَهْلَهُ بِحِلْمِهِ، ولَمْ تَكُنْ شَجَاعَتُهُ لِفُوتِ الفِرَارِ، وَبُعْدِ الأَنْصَارِ؛
قيل: فَمَتَى يَكُونُ الأَدَبُ أَضَرُّ؟ قال: إِذَا كَانَ العَقْلُ أَنْقَصُ.
هوامش:
عِرْسُهُ: زوجه
الخُرْقُ: الجهل
الضَنُّ: المرض
الـهَوَى: ميولات النفس ورغباتها
العِيُّ: العجز عن التعبير اللفظي بما يُفيد المعنى المقصود
هوامش:
عِرْسُهُ: زوجه
الخُرْقُ: الجهل
الضَنُّ: المرض
الـهَوَى: ميولات النفس ورغباتها
العِيُّ: العجز عن التعبير اللفظي بما يُفيد المعنى المقصود