لقد نسي الناس حتى مذاق الماء الطبيعي الساري بين الحقول والروابي، وتهافتوا جميعهم على استهلاك مشروبات غازية وعصائر معصورات ومشروبات مشرئبات ملونات ألوانا اصطناعية مهلكة بشتى ألوان قزح، ومعبأة في علب من البلاستيك أو من الألمنيوم تسر الناظرين المحششين بدون حشيش وتُسيل لعاب الجائعين المتسرعين.
ولعل الشركات الكبرى المصنعة لهذه المواد السامة قد فهمت اللعبة جيدا تبعا لمقولة أنا أستهلك فأنا موجود، واعتبرت البشر مجموعة حقيرة من فئران مختبرات التجارب (اللي ما قتلت تسمن)، فأحمت الوطيس بينهم من خلال دفعهم إلى التنافس والتسابق فيما بينهم لجمع أكبر عدد من نقط الولاء والطاعة والإخلاص لمنتوجاتها لأجل الفوز بحوافزها وجوائزها الكبرى التي تخصصها لأكبر المستهلكين، وكل ذلك كان يتم بسرعة جنونية، لأن الناس لم يعد لديهم ما يكفي من الوقت حتى لمجرد التفكير ولو لحظة حتى في مصائرهم، وبهذه الطريقة الشيطانية العالمية أصبح المستهلك مثله مثل الدجاجة التي تبيض ذهبا بالنسبة لشركات الصناعات الغذائية، هذه الشركات الماكرة التي تكفلت بإنتاج أغذيتنا في مختبراتها العالية التقنية والحداثة من بعدما وضعت الأقفال والشمع الأحمر بطريقة ماكرة على مطابخ الناس التقليدية الغالية التي لا تقدر بثمن، والتي كان يفوح أريجها بكل ما لذ وطاب على بعد مئات الأمتار، وتركت البشر وحتى الحيوانات التي لا دخل لها في مكر البشر ضحية لأغذية مهلكة مدمرة للصحة العامة لما تحتويه من سكريات وملح وملونات ومضافات غذائية خطيرة، لدرجة أن حتى الأطفال الحديثي الولادة أصبحوا يولدون بدماء كيماوية حمضية ومرضى، لذلك ارتفعت بشكل خطير ومقلق وثيرة النرفزة والقلق وعدم الرضى والأمراض القاتلة المستعصية والاضطراب النفسي والإكتئاب والسلب والنهب والانتحار والقتل في مختلف أنحاء العالم في الوقت الراهن.
وعندما يُلقي المرء نظرة مختصرة وموجزة على ما عُرِف حتى الآن عن المضافات الغذائية، التي باتت تشكل خطرا على الصحة العامة، والتي أضحت تكون عنصرا أساسيا على موائد الأكل الحداثية العصرية، سوف يُصاب بالذهول والدوار، وسيخر على ركبتيه فاشلا عندما يدرك أن معظم ما يشتريه الناس من المتاجر والأسواق الكبرى العالية الحداثة هو عبارة عن قنابل موقوتة من السموم التي تتراكم في الجسم بالتدرج إلى أن تنفجر يوما بدون سابق إنذار بالرغم من مظهرها الكاذب، واللحية في كل الأحوال لا تصنع الفيلسوف:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق