الماسونيون الأشرار

الماسونيون الأشرار
يقول الكاتب المسرحي والشاعر الإنجليزي ويليام شكسبير: "إن الدنيا عبارة عن مسرح كبير والناس فيها كل يلعب دوره، فلو أراد أحد أن يغير دوره ويمد يده ويفتح الستارة، يجب عليك أن تكون مستعدا لترى ما وراء الكواليس، فمن الممكن أن ما ستراه سيغير نظرتك إلى الأشياء".
لقد كثر الحديث عن الماسونيين أو من يسمون أنفسهم بالبنائين الأحرار، الذين اتخذوا العين الأحادية أهم رمز من رموزهم ، هل هي عين المسيح الدجال؟ هل هي مؤامرة صهيونية تهدف للنيل من الأديان السماوية خاصة منها الدين الإسلامي لترفع كلمة اليهود كي يسيروا العالم من وراء ستار، مُعتَقَدٌ يعبد إلاها لكنه ليس الإلاه الذي سبح له الأنبياء والمرسلون، بل هو 'يهوه' أي إبليس الشيطان، ولإن قطعت الدنيا طولا وعرضا لن تجد ماسونيا يخبرك بالتفاصيل عن الطقوس التي تُدار داخل محافلهم، لكنهم حين يفتخرون ففرسان الهيكل هم مثلهم الأعلى، وهم عبارة عن مجموعة أو تشكيل عسكري قائم على أساس ديني، شارك مع الصليبيين في محاربة العرب المسلمين قصد الاستيلاء على المسجد الأقصى، الذي يعتقدون أن بناؤه تم فوق هيكل سليمان، وقد يكون حتى هيكل نمرود، وتزعم نظرية تاريخية أخرى بأن الماسونية تعود إلى فجر الأديان السماوية وترتبط بتشييد هيكل سليمان والأهرامات.
في عام 1097م تجمعت عساكر الصليبيين في القسطنطينية، ثم عبرت البسفور إلى الشام، فدارت بينهم وبين السلاجقة معركة حامية الوطيس عند 'ضورليوم' فهُزِم فيها السلاجقة، ثم استولى الصليبيون على 'أنطاكية' في شمال الشام، وأسسوا بها أول إمارة لهم، بعد ذلك دخلوا 'الرها' في إقليم الجزيرة الشمالي، وأسسوا إمارتهم الثانية، فاتجهوا إلى مدينة القدس بجيش جرار بلغ أربعين ألف مقاتل، مما لم يستطع معه جيش الفاطميين من الصمود في وجه حصار بشع  للمدينة استمر شهرًا كاملا، فدخلوها في النهاية في 15 يوليوز سنة 1099م، وارتكبوا فيها مجزرة فظيعة قضوا من خلالها على سكانها جميعًا رجالا ونساءً وأطفالا وكهولا، واستباحوا مدينة القدس أسبوعًا يقتلون ويدمرون حتى قتلوا في ساحة الأقصى وحدها سبعين ألفًا من المسلمين، ويذكر بعض المؤرخين أن 'ريموند' القائد الصليبي احتل 'مَعَرَّة النعمان'، وقتل فيها مائة ألف نفس وأضرم النار فيها، وعندما استتب الأمر لهم أصبح فرسان الهيكل أوسع الملاك ثراء في الأراضي المقدسة (كل شيء يدور حول المال لا غير)، فصارت لهم سفنهم وأسلحتهم وأجهزة استخباراتهم التي طوروا بواسطتها أساليب سرية للاتصال والتعارف، لكن الزمان يدور ففي معركة حطين التاريخية الحاسمة والفاصلة عام 1187 م استطاع المسلمون استعادة بيت المقدس وتحرير معظم الأراضي التي استولى عليها الصليبيون، وبذلك فقد فرسان الهيكل أساس وجودهم، مما حدا بالبابا 'كليمونت الخامس' بتحريض  أستاذهم الأعظم 'جاك دي مولاي' وملك فرنسا 'فليب الخامس' عليهم، وفي أكتوبر من عام 1307 م تم اعتقال فرسان الهيكل بفرنسا فَصُودِرت أملاكهم واجتثت جذورهم وجُففت منابعهم، وابتداء من هذا التاريخ سعى ما تبقى من فرسان الهيكل خاصة بإنجلترا إلى البقاء مستخفين بعيدين عن الأنظار والأحداث، مجرد خلايا نائمة ما لبثت أن عادت إليها الروح بعد إعادة النظر في منظمتهم، فتحولوا بعد ذلك إلى ما سُمي بالبنائين الأحرار (الماسونيين)،الذين دشنوا أول محفل ماسوني لهم في العالم بإنجلترا عام 1717 م.         
لقد كانت الماسونية بشكل عام في العالم الثالث وبشكل خاص في العالمين العربي والإسلامي إحدى أدرع الإمبريالية الغربية، ويكفي التذكير هنا أولا بالارتباط الوثيق والتحالف القوي بين جمعية الاتحاد والترقي العلمانية بقيادة كمال أتاتورك والحركة الصهيونية واليهود الدونما( هم اليهود الذين دخلوا الإسلام علانية وبقوا على يهوديتهم سرا) بتواطؤ مع القوى الاستعمارية العالمية، حين تداعوا كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها عام 1908 م في ما سمي ب'الثورة' ضد السلطان عبد الحميد الثاني، ولعل في حادثة الخلع لخير دليل على ذلك، لأن الذي حمل بيده شخصيا فتوى خلع السلطان عبدالحميد الثاني إلى قصره 'بيالدز' هو المحامي اليهودي الماسوني 'عمانويل كراسو'، ولم يكتف بذلك بل قام بتأسيس أهم وأكبر محفل ماسوني في الدولة العثمانية المنهارة، ويا لسخرية القدر، فبمجرد ما خُلِع السلطان عبدالحميد الثاني تم نفيه إلى جزيرة 'سالونيك' وهي المدينة اليونانية التي يتمركز فيها الماسون والمحافل الماسونية، وكان يُمنع على الدولة العثمانية أن تدخل إلى هذه المحافل لأنها كانت تتمتع بالحماية الدولية،  ثانيا بكون  الماسونية اعتبرت حليفا وداعما رئيسيا للفاشستية بإيطاليا تحت القبضة الحديدية للديكتاتور 'موسيليني'، وثالثا لوقوفها في وجه حركات التحرر والاستقلال ضد الاستعمار الغربي الصليبي في النصف الأول والثاني من القرن العشرين في العالمين العربي والإسلامي، حين تمت مجابهة هذه الحركات بواسطة الماسونية، لكن جيل ذلك الوقت كان ملما ومدركا لحجم المؤامرة مما أدى إلى انكماشها وتقوقعها في العالمين العربي والإسلامي، حتى انتعشت من جديد مع معاهدة الاستسلام مع الصهاينة وانبطاح الأجيال الجديدة للهيمنة الفكرية الغربية وقيمها  تحت تأثير العولمة والتغريب وتدمير الهوية.
إن الماسونية هي عبارة عن شكل مجتمعي حديث يهدف إلى التدمير، وهي حركة يهودية تعمل بكل جهد وإخلاص من أجل قيام دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، يقول الأستاذ عبدالله التل نقلا عن دائرة المعارف البريطانية بأن اللغة الفنية والرموز والطقوس التي تمارسها الماسونية الأوروبية كلها مليئة بالأفكار والاصطلاحات اليهودية، بحيث  تجد في محفل اسكتلندي التواريخ الموضوعة على المراسلات والوثائق الرسمية كلها حسب تقويم السنين والأشهر اليهودية، كما تجد أيضا الأبجدية العبرية، ومن أقوى الأدلة على يهودية هذه الحركة الهدامة، أن ما وُجِد في الوصايا القديمة يثبت بدون منازع أنها تقوم على الإخلاص للمبادئ اليهودية، ولعل أقدم وثيقة هي الوثيقة التي تحوي الوصايا القديمة التي نسخها 'داوود كاسلي' بخط يده وتاريخها المدون هو 1734 م، وهي محفوظة بالمتحف البريطاني بقسم الأناجيل وجاء فيها:
"يضع كل عضو جديد يدخل الجمعية كفه في كف القيم ثم يُعطى نسخة الوصية العامة التي هي كالتالي:" فرض على الأخ حب الله، والكنيسة المقدسة، وسيده الذي يصحبه ويحفظ المبادئ الثلاثة كما يحفظ حياته ولا يخطو خطوة دون رأي سيده الذي يجب أن يتبعه في المقاصد النبيلة، ولا يكشف أمره، ولا يبيح لأحد بسره، ولا يحيد قيد شعرة عما يأمره به المحفل في جميع الأحوال ومهما كان الأمر، وحيثما ذهب".
لقد خُدع خلق كثير من الناس إلا من حفظ ربك، بهذه الحركة الخطيرة الهدامة، فانجرت وراءها جموع هائلة من البشر ومن مختلف الديانات والأعراق والثقافات والطبقات: رؤساء دول، زعماء، علماء، أدباء وكتاب، فنانون، شعراء، مهندسون، أطباء، قضاة، محامون، صحافيون، إضافة للموضة الجديدة التي انتشرت كالفطر في الغابة الندية والمسماة ب 'جمعيات المجتمع المدني'، إلخ....، فاجتذب وسحر بسحره  مفهوم 'الحرية، المساواة والإخاء' التي ينادي بها الماسونيون وأربابهم اليهود الكثير من الناس في كل أقطار الأرض بما في ذلك 'الدول الإسلامية'، فأخذوا يرددون هذا الشعار ترديد الببغاوات دون فهم أو إدراك أو شعور، مما أدى إلى عرقلة التقدم الإنساني في العالم وحرمان الإنسان من حريته الذاتية الحقيقية الأصيلة، وما كلمات مثل حرية ومساواة وإخاء سوى سوس ينخر كيان المجتمعات ومعاول هدم للأمن والوحدة وأداة تدمير لأسس كينونة المجتمعات البشرية.
لقد أضحت كلمة حرية نوع من غسيل الأدمغة الذي مُورس على البشرية من طرف الماسونية العالمية بصفة خاصة واليهود بصفة عامة، مما دفع بالكثير من الخلق في دخوله في صراع مع الله وعدم تقبله لسننه في الطبيعة ومقاومتها، وكان من الممكن أن يكون معنى آخر ومقام رفيع يعلو فوق الشهب لهذه الحرية لو قامت على الإيمان بالله والعبودية له وحده لا شريك له والإيمان بالأخوة والإنسانية خالية من دعاوي المساواة التي يقر بطلانها ويثبته إثباتا لا غبار عليه قانون الطبيعة الذي حتم وجود التباين في الخلق، ولعل استخدام الماسونية العالمية لهذا المفهوم وإسقاطه إسقاطا فظيعا على المرأة التي هي بيت القصيد في كل دعواته الهدامة، واستغلال النزوع الطبيعي لديها في حب الذات المقرون بحب الظهور والندية للرجل من أجل تحريرها كما يحكون، ومساواتها بالرجل كما يدعون لخير دليل على مكرهم وخبثهم وخداعهم، حتى أضحى الرجال في الصفوف الخلفية وحلت النساء في الصفوف الأمامية بفضل أكلهن الطعم أكلا لما، وهن يعتقدن في أعماقهن أنهن قد فزن بالضربة القاضية على الرجل الذي عَقّدَهُن تعقيدا أمدا طويلا من الدهر، فظنن أنهن قد كسبن الرهان في هذه الجولات من النزال، غير أن الحقيقة  والشواهد والأحداث تثبت عكس ذلك، إذ يكفيني ذكر مثال واحد فقط لينفجر الدمل ويخرج قيحه، فلينظر كل ذي فكر حر إلى الإشهار الذي يتربع على عرشه جسد المرأة الذي هو كل رأسمالها لا غير، ولا داعي  لأذهب بعيدا في تحليلي لما هو أحط وأنكى وأقذر. 
أما ما يُعرف بنوادي 'الروتاري' و 'الليونز' على سبيل المثال لا الحصر فيقدمه هؤلاء العرابون في حلل إنسانية وعاطفية لا تُسِيلُ غير دموع التماسيح من خلال مد يد المساعدة للناس وفعل الخير في كل مكان من العالم 'شاط الخير على زعير'، غير أن هذه النوادي التي يتناوب على رئاستها الأعضاء المنتمون إليها من أغنى أغنياء العالم ورجال أعمال وأصحاب مهن حرة وموظفون عاديون وسامون في إدارات وأجهزة الدول، هي في حقيقة الأمر نوادي ظاهرها الرحمة وباطنها الحقد اليهودي والخطر الماسوني، وهذه الأندية منتشرة انتشارا كبيرا في معظم الدول العربية وينتمي إليها الكثير من (المسؤولين) (السامين) العرب.
إن خطر المتآمرين الصهاينة ومرابو العالم هي ذاتها على مر الدهور والعصور: التغرير بالناس، تغذية الأحقاد، إشعال نار الفتن، ويكفي المرء درسا وعبرة الكوارث المروعة التي فعلتها النكتة السخيفة لما يسمى الربيع العربي وديمقراطيته الدموية بالكثير من الدول العربية، تدمير المجتمعات القائمة على الأديان السماوية وذلك بنشر الإلحاد والفساد والانحلال الخلقي وهو الشيء الذي يمكن لأي شخص أن يلمسه عن كثب في جميع وسائل الإعلام المكتوبة والمقروءة والمرئية من صحف ومجلات وكتب، وإذاعات وفضائيات إضافة إلى أم الرذائل الأنترنت وشبكاتها الإجتماعية.
إن طبيعة الصراع العالمي القائم اليوم بغض النظر عن تباين واختلاف الأسباب والأساليب تعود إلى منشأ واحد ألا وهو الصراع المحتدم الذي وصل إلى مرحلة جد خطيرة وحاسمة بين قوى الخير المتمثلة في الديانات السماوية وبين قوى الشر والطاغوت المتمثلة في العقائد الإلحادية الهدامة، فلمن سيكون النصر يا ترى؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق