احذر دعاء المظلوم عليك

"للِظَّالِمِ مِنَ الرِّجَالِ ثَلاَثُ عَلاَمَاتٍ: يَظْلِمُ مَنْ فَوْقَهُ بِالْمَعْصِيَّةِ، ومَنْ دُونَهُ بِالغَلَبَةِ، وَيُظَاهِرُ القَوْمَ الظَّلَمَةِ"  الإمام علي كرم الله وجهه
احذر دعاء المظلوم عليك
لاَ تَظْلِمَنَّ إِذَا مَا كُنْتَ  مُقْتَدِراً       فَالظُّلْمُ مَرْتَعُهُ يُفْضِي إِلَى النَّدَمِ
تَنَامُ   عَيْنُكَ  وَالْمَظْلُومُ  مُنْتَبِهٌ        يَدْعُو  عَلَيْكَ وَعَيْنُ اللهِ لَمْ تَنَمِ
كلما تذكرت هذه الأبيات الشعرية للإمام علي كرم الله وجهه، أدركت على أن الظلم والبغي والتعدي و الجور والطغيان خصوصاً ظلم المستضعفين من الناس الذين لا يستطيعون رد الظلم والجور عن أنفسهم، ظلم من لا يجدون لهم ناصراً إلا الله، لا يمكن أن يذهب كل ذلك سدى، لأننا نرى هنا ظالما و مظلوما ولم نجد العدالة والإنصاف، ونرى غالبا ومغلوبا ولم نجد الانتقام، فأيقنت على أن الظلم ساعة والحق إلى قيام الساعة مصداقا لقول الرسول الكريم (ص): "اتقوا دعوة المظلوم وإن كانت من كافر، فإنها تحمل فوق الغمام، ويقول الله تعالى: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين" رواه الطبراني والإمام أحمد.
والظلـم ثلاثة فظلم لا يُغفر وظلم لا يُترك وظلم مغفور لا يُطلب، فأما الظلم الذي لا يُغفر فالشرك بالله وأما الظلم الذي لا يُترك فظلم العباد بعضهم بعضا، وأما الظلم المغفور الذي لا يُطلب فظلم العبد لنفسه.
ولنا في التاريخ عبر كثيرة لمن يريد أن يعتبر، حيث ورد في تاريخ ابن كثير على أن وزير الرشيد يحيى البرمكي قال له بعض بنيه وهم في السجن والقيود: "يا أبت أبعد الأمر والنهي والنعمة صرنا إلى هذه الحال؟" فقال يحيى البرمكي: "يا بني لعلها دعوة مظلوم سرت بليل، غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها".
وعلى الظالمين الغاشمين أن يدركوا أن دعوة المظلومين ليس بينها وبين الله حجاب، وسوف تتبعهم اللعنة أينما حلوا وارتحلوا، وعلى الباغي تدور الدوائر، ومن سَلَّ سيف البغي قُتِل به كما قال عمر بن عبدالعزيز.
وقد قيل في الظلم أقوال وأشعار كثيرة أذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر ما يلي، عسى أن يتعظ بها الجبابرة والطغاة والقساة الظلمة من البشر:
أبو الطيب المتنبي:
وَالظُّلْمُ مِنْ شِيَمِ النُّفُوسِ فَإِنْ تجَِدْ       ذَا    عِفَّةٍ    فَلِعِلَّةٍ    لاَ   يَظْلِمُ
طرفة بن العبد:
وَظُلْمُ  ذَوِي  الْقُرْبىَ  أَشَدُّ  مَضَاضَةً       عَلَى النَّفْسِ مِنْ وَقْعِ الْحُسَامِ الْمُهَنَّدِ
ابن المقري:
يَا ظَالِماً جَارَ  فِيمَنْ لاَ  نَصِيرَ لَهُ      إِلاَّ   الْمُهَيْمِنُ   لاَ  تَغْتَرَّ  بِالْمُهَلِ
غَداً تَمُوتُ وَيَقْضِي اللهُ  بَيْنَكُمَا       بِحِكْمَةِ الْحَقِّ لاَ بِالزَّيْغِ  وَالْحِيَلِ
زهير بن أبي سلمى:
وَمَا مِنْ يَدٍ إِلاَّ يَدُ اللهِ فَوْقَهَا     وَلاَ ظَالِمٍ إِلاَّ سَيُبْلَى  بِأَظْلَمِ
محمد الزين:
إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَدْفَعْ يَدَ الْجَوْرِ إِنْ سَطَتْ       عَلَيْهِ   فَلاَ  يَأْسَفْ   إِذَا  ضَاعَ  مَجْدُهُ
وَأَقْتَلُ    دَاءٍ    رُؤْيَةُ   الْمَرْءِ    ظَالِماً       يُسِيءُ   وَيُتْلَى  فِي  الْمَحَافِلِ   حَمْدُهُ
أحمد خطاب:
مَنْ عَفَّ عَنْ ظُلْمِ الْعِبَادِ تَوَرُّعَا      جَاءَتْهُ   أَلْطَافُ  الإِلاَهِ   تَبَرُّعَا
سافر العمري:
فَلاَ تَعْجَلْ عَلَى أَحَدٍ بِظُلْمٍ       فَإِنَّ  الظُّلْمَ  مَرْتَعُهُ  وَخِيمُ
أبو العتاهية:
صَاحِبُ الْبَغْيِ لَيْسَ يَسْلَمُ مِنْهُ       وَعَلَى نَفْسِهِ  بَغَى كُلُّ بَاغِي
أبو العتاهية:
أَمَا     وَاللهِ    الظُّلْمُ    لُؤْمٌ      وَمَا زَالَ الْمُسِيءُ هُوَ الظَّلُومُ
إِلىَ دَيَّانِ  يَوْم الدِّينِ  يَمْضِي      وَعِنْدَ  اللهِ  تَجْتَمِعُ الْخُصُومُ
محمود الوراق:
مَا زَالَ يَظْلِمُنيِ  وَأَرْحَمُهُ      حَتىَّ رَثَيْتُ لَهُ مِنَ الظُّلْمِ
هبة الله العباسي:
يَا  ظَالِماً  نَفْسَهُ  بِظُلْمِي      لاَ تَبْكِ مِمَّا جَنَتْ يَدَاكَا
صالح بن عبدالقدوس:
إِذَا   وَتَّرْتَ   امْرُأً  فَاحْذَرْ   عَدَاوَتَهُ       مَنْ يَزْرَعِ الشُّوكَ لاَ يَحْصِدْ بِهِ العِنَبَا
إِنَّ   الْعَدُوَّ   وَإِنْ   أَبْدَى   مُسَالَمَةً       إِذَا  رَأَى   مِنْكَ  يَوْماً   فُرْصَةً  وَثَبَا