"تفسد المؤسسات حين لا تكون قاعدتها الأخلاق" نابليون بونابرت
تعتبر مسرحية 'توباز' ‘Topaze’الكوميدية المكونة من أربعة فصول للكاتب والمخرج السينمائي الفرنسي ‘مارسيل بانيول’ Marcel Pagnol'’ من روائع المسرح العالمي التي لقيت رواجا كبيرا وحققت نجاحا باهرا على خشبات المسارح الأوروبية، بحيث على سبيل المثال ظلت تـُمثل على المسارح الباريسية طيلة أربع سنين متتالية بلا انقطاع.
وبعد هذا النجاح الكبير قام 'مارسيل بانيول' بتحويل هذه المسرحية إلى فيلم سينمائي صدر سنة 1951 باللونين الأبيض والأسود، من بطولة الممثل الفرنسي الكبير 'فيرنانديل' ،‘Fernandel’ الذي لعب دور المعلم 'توباز' بإحدى المدارس الخصوصية، حيث بدا إنسانا ذا أخلاق مثالية، صادقا جادا وساذجا، هذا المعلم الذي سوف يعيش تجربة فريدة من نوعها، بحيث سينتقل من مجرد معلم بسيط نكرة لا يعرفه أحد إلى رجل أعمال يرتقي السلم الاجتماعي بسرعة البرق، يعرفه الوزراء والسياسيون وعلية القوم، وذلك باستعماله أساليب ناجعة وناجحة في 'القوالب' و'التنوعير' والخداع والغش والتزوير والتحايل على القوانين، في حين أن أخلاقه وصدقه وجديته وتفانيه في العمل في حياته المهنية البئيسة المملة والطويلة عندما كان معلما، لم تجلب له غير البؤس والاحتقار وعدم الاعتراف بكل تضحياته، واحتلاله دائما المراتب المتأخرة في الترقية والتوشيح من طرف الوزارة، وفي الأخير الطرد من العمل.
وبعد هذا النجاح الكبير قام 'مارسيل بانيول' بتحويل هذه المسرحية إلى فيلم سينمائي صدر سنة 1951 باللونين الأبيض والأسود، من بطولة الممثل الفرنسي الكبير 'فيرنانديل' ،‘Fernandel’ الذي لعب دور المعلم 'توباز' بإحدى المدارس الخصوصية، حيث بدا إنسانا ذا أخلاق مثالية، صادقا جادا وساذجا، هذا المعلم الذي سوف يعيش تجربة فريدة من نوعها، بحيث سينتقل من مجرد معلم بسيط نكرة لا يعرفه أحد إلى رجل أعمال يرتقي السلم الاجتماعي بسرعة البرق، يعرفه الوزراء والسياسيون وعلية القوم، وذلك باستعماله أساليب ناجعة وناجحة في 'القوالب' و'التنوعير' والخداع والغش والتزوير والتحايل على القوانين، في حين أن أخلاقه وصدقه وجديته وتفانيه في العمل في حياته المهنية البئيسة المملة والطويلة عندما كان معلما، لم تجلب له غير البؤس والاحتقار وعدم الاعتراف بكل تضحياته، واحتلاله دائما المراتب المتأخرة في الترقية والتوشيح من طرف الوزارة، وفي الأخير الطرد من العمل.
انتقد المؤلف والمخرج والسيناريست 'مارسيل بانويل' من خلال إصداره هذا الفيلم المجتمع الفرنسي في ظل الجمهورية الرابعة، موجها كاميراته بواقعية لا ترحم ومنهجية دقيقة وفنية غاية في الروعة، ويبدو ذلك واضحا من خلال الحوار الأخاذ، الذي يعري بواسطته الوجه المصبوغ للمجتمع، مع التركيز بشدة على مدى انتشار التفسخ الاجتماعي الذي مُني به المجتمع إثر غياب الوازع الوجداني والأخلاقي لدى الأفراد، وتهافت الناس وتسابقهم على اكتناز الثروات بكل الوسائل وبكل السبل اللاأخلاقية والمخالفة لقوانين الدولة، في ظل ديمقراطية صورية فاسدة حتى النخاع، يلوي فيها السياسيون عنق القوانين بطرق ماكرة وغاية في الدهاء من خلال استغلال نفوذهم، وبتواطئ مع الرأسماليين الجشعين قصد الإثراء اللامشروع، وهي طرق منحطة وسافلة في مراكمة الثروات، وإن كانت قد انحصرت انحصارا كبيرا في أوروبا حاليا، إلا أنها عرفت انتشارا وانتعاشا منقطعي النظير في الدول المتخلفة التي ما زال يحكمها الفساد والاستبداد والإفلات من العقاب.
وفيلم توباز أو بالأحرى مسرحية توباز يمكن تصنيفها في مصاف روائع المسرح العالمي الكلاسيكي، وهي مسرحية ذات بعد أخلاقي بامتياز، ناقدة للمجتمع الفرنسي المتفسخ ولنظام الحكم الفاسد، وكل ذلك صُبَّ في قالب كوميدي مليئ بالمواقف التي تثير أمواجا من الضحك لدرجة يُشفِق فيها الضحك أيما إشفاق من الضاحكين.
ولعل الفصل الأخير من هذا الفيلم يعد الأكثر إثارة وتشويقا بحواره الغني بالدروس والعبر عن الناس والحياة، وعن الحب والإخلاص، وعن الفضيلة والصالح العام، وعن الفساد واستغلال النفوذ وقد جاء على الشكل التالي:
ولعل الفصل الأخير من هذا الفيلم يعد الأكثر إثارة وتشويقا بحواره الغني بالدروس والعبر عن الناس والحياة، وعن الحب والإخلاص، وعن الفضيلة والصالح العام، وعن الفساد واستغلال النفوذ وقد جاء على الشكل التالي:
(يدخل المعلم تاميز صديق توباز يوم كان مدرسا بهندامه المهترئ متأبطا مظلة وقد وضع على عينيه نظارتين مربوطتين بسلسلة معلقة على الأذن، يتجه توباز نحوه مرتبكا قليلا ولكنه فرح.(
توباز: تامــــــيــــــــــــــز!!
تاميز: تــــوبـــــــاز!! (يتماسكان بالأكف ويتظاهران بالضحك)، لقد حَلَقْتَهَا (تاميز مشيرا إلى ذقن توباز)
توباز: نعم..لضرورة الأعمال، وهذا يغير مظهري قليلا.
تاميز: لقد صرت أشبه بممثل من الكوميديا الفرنسية.
توباز: أنا مسرور بلقياك.
تاميز:كان من الممكن أن تستمتع بهذا السرور قبل هذا الوقت لو لم أجد الأبواب موصدة خمس أو ست مرات في وجهي، ولعل الكاتبات أخبرناك بذلك، كن دائما يجبنني بأن حضرة المدير غير موجود، حتى آل بي الأمر إلى الظن بأنك لا تريد مقابلتي، ولا أخفيك أني وجدت في هذا التصرف شيئا من المبالغة.
توباز: معك الحق، هذا غير مقبول بين صديقين قديمين مثلينا.
تاميز: وبخاصة فإن لدي أشياء هامة أريد أن أطلعك عليها.
توباز: قل.
تاميز: (يجلس) أنت تعلم بأنني صديقك، صديق وفي لم يتدخل قط في شؤونك الخاصة، ولكن ما سأقوله لك خطير جدا لأنه متعلق بسمعتك.
توباز: (متعجبا) سمعتي !
تاميز: إنه ليؤلمني بأن أصارحك بذلك، لقد تكلموا أمامي عن شريكك كأنه سياسي فاسد، حتى أن أحد الشرفاء قد أفهمني بأنك لا تجهل الأمر، وأنك تقوم بصفقات مُرِيبَةٍ.
توباز: (متعجبا مرة أخرى) مريبة !
تاميز: مريبة..ثم إن هذه الشائعات قد أكدتها الصحافة، ها هو ذا خبر ناولني إياه رجل شريف كانت قد نشرته إحدى الصحف الرصينة منذ زمن بعيد، (تاميز يناول توباز قصاصة ورق أخرجها من محفظة نقوذه).
توباز: إذن ما هي استنتاجاتك؟
تاميز: يا عزيزي، لقد جئت لتحذيرك، أمعن النظر في الصفقات التي تعقدها مع هذا الرجل، ثم اكتب إلى الصحف لتظهر لها أنها مخدوعة.
توباز: شكرا لك يا صديقي العزيز تاميز، ولكنني واثق تماما من الصفقات التي عقدتها إلى الآن.
تاميز: (مبتهجا) وليست مريبة؟
توباز: ليس فيها أقل ريبة، وكل هذه الصفقات عبارة عن طبخات بسيطة قائمة على استغلال النفوذ ورشوة الموظفين وإساءة استعمال المنصب (ينظر إليه تاميز مشدوها ثم ينفجر ضاحكا بصوت عال).
تاميز: يا سلام عليك يا توباز
توباز: إني لا أمزح أبدا.
تاميز: (يضحك بملء شدقيه) إنك تلقنني درسا، والحق يقال بأنني أستحقه، ما حيلتي لقد قالوا لي مؤكدين..وهذه الصحيفة..(ينظر إلى توباز ضاحكا ثم يقول في نهاية ضحكته) ثم إني لا أدري فيما إذا كان السبب هو شبهك بالممثلين.. وأقسم أنني كدت أصدقك.
توباز: يجب أن تصدقني، إن ما فعلته يقع تحت طائلة القانون، ولو كان المجتمع سليم البنيان لَكُنْتُ الآن في السجن.
تاميز: ماذا تقول؟
توباز: الحقيقة البسيطة.
تاميز: لقد فقدت عقلك
توباز: لا
تاميز: (ينهض مرتجفا) ما هذا؟ إذن هذا صحيح، لقد أصبحتَ محتالا.
توباز: تاميز..يا صديقي العزيز لا تنظر إلي مستفظعا أمري، ودعني أدافع عن نفسي قبل أن تحكم علي.
تاميز: أنت..أنت الذي كنت مثالا للضمير الحي، أنت الذي وصل بك الوازع حد الوسواس.
توباز: يمكن أن أقول أنني طوال عشر سنوات أتممت واجبي بكل ما أوتيت من قوة وشجاعة وإيمان مستهدفا الصالح العام، ففي العشر سنين أعطوني ثمانمائة فرنك في الشهر، وفي يوم من الأيام طردني مدير المدرسة 'موش'، لأنني لم أدرك أنه يطلب مني اقتراف عملٍ فيه ظلمٌ، وسأشرح لك بعد أيام كيف قادني القدر إلى هنا، وكيف عملت بالرغم مني أعمالا غير قانونية، تصور أنني في اللحظة التي كنت أنتظر فيها عقابا تلقيت الجائزة التي لم ينلها إخلاصي المتواضع، ألا وهي وسام المعارف.
تاميز: (متأثرا) وهل نلت الوسام؟
نعم، وأنت؟
تاميز: لم أنله بعد.
توباز: أرأيت يا تاميز المسكين..لقد خرجتُ عن الطريق السوية فأصبحتُ غنيا ومحترما.
تاميز: هذه سفسطة..إنك محترم، لأنهم يجهلون قبح أعمالك.
توباز: كنت أظن ذلك، ولكن هذا غير صحيح، وقد قلتَ منذ هنيهة أن رجلا شريفا أخبركَ عن أحوالي، إني أراهنكَ بأن هذا الرجل هو 'موش' (مدير المدرسة التي اشتغل فيها توباز مدرسا للأطفال).
تاميز: نعم، ولو سمعته كيف كان يحكي عنك لاحمرت وجنتاك خجلا.
توباز: لقد زارني هذا الرجل الشريف الكامل، فصارحته بالحقيقة، فعرض علي شهادة كاذبة ويد ابنته للزواج ورئاسة حفل توزيع الجوائز في مدرسته.
تاميز: رئاسة الحفلة..ولماذا؟
توباز: لأنني صاحب أموال.
تاميز: وهل تتصور أنه عرض عليك ذلك من أجل المال؟
توباز: نعم يا مسكين، إن هذه الصحيفة بطلة الأخلاق لا تريد سوى خمسة وعشرين ألف فرنك..آه..المال..إنك لا تدري قيمته..ولكن افتح عينيك وانظر إلى الحياة وإلى أهل زمانك، إن المال يقدر على كل شيء، ويسمح بكل شيء، ويعطي كل شيء، لو أردتُ منزلا حديثا، أو سنا مستعارة خفية، أو أكل اللحم في الأيام المحرمة، أو مديحا في الصحف، أو مُضاجعة امرأة، هل تظن أني سوف أحصل على هذا بالصلاة والإخلاص أو الفضيلة؟..ليس لي أكثر من أن أفتح باب هذه الخزينة الحديدية قليلا وأن ألفظ كلمتين صغيرتين: كم تريد؟ ( يتناول رزمة من الأوراق النقدية)، انظر إلى هذه الأوراق النقدية إنها تستطيع المكوث في جيبي ولكنها تأخذ شكل رغائبي ولونها..الرفاهية والجمال والصحة والحب والجاه والقوة كل هذا في قبضتي، إن هذا يـُخِيفُكَ أيها المسكين تاميز، ولكنني سأبوح لك بسر، لقد تعلمت بالرغم من الخياليين وبالرغم من الشعراء ولعله بالرغم أيضا من قلبي هذا الدرس الأكبر..يا عزيزي تاميز إن الناس ليسوا طيبين..إن القوة هي التي تحكم العالم، وإن هذه المستطيلات الصغيرة من الورق الخفيف الناعم هي الشكل الحديث للقوة.
تاميز: إني سعيد لمغادرتك مهنة التعليم، لأنك لو عدت إلى تعليم الأخلاق.....
توباز: أَتَعْلَمْ ماذا كنت سأقول لتلاميذي؟ (يوجه كلامه وكأنه يخاطب تلاميذته في الصف الأول)..."يا أولادي إن الـحِكَمَ وَالأَمْثَالَ التي ترونها على جدار هذا الصف ربما تناسبت في الماضي مع حَقِيقَةٍ قَدْ زَالَتْ، أما اليوم فإنها لا تُفيد إلا لدفع الجماهير في طريق خاطئة، في حين أن الدُّهَاةَ الـمَاكِرِينَ يتقاسمون الفَرِيسَةَ، لذا كان ازدراء الحكم والأمثال في عصرنا بداية الثورة..."، ولو خطر يا تاميز لأساتذتك أدنى فكرة عن حقائق الدنيا لكانوا عَلَّمُوكَ هذا، ولما غَدَوْتَ الآن مسكينا فقيرا.
تاميز: يا عزيزي قد أكون مسكينا ولكنني لست فقيرا.
توباز: أنت؟ أنت من الفقر بحيث لا تدري.
تاميز: دعك من هذا الكلام، إني لا أملك وسائل الحصول على الملذات المادية..إنها لأحط أنواع الملذات.
توباز: هذه أيضا خُدعة يتعزى بها أمثالك، إن الأغنياء كرماء مع المثقفين، فهم يتركون لنا مباهج الدرس وشرف العمل واللذة المقدسة في إتمام الواجب، ولا يحتفظون لأنفسهم إلا بملذات من الدرجة الثانية مثل الحجل والكافيار وسيارات الروس رويز وشراب الشمبانيا والتدفئة المركزية، كل هذا وسط البطالة الخطرة.
تاميز: أنت تعلم مع ذلك بأنني سعيد جدا.
توباز: تستطيع أن تكون أسعد ألف مرة فيما لو كنت تستمتع بالرفاه، مع أن الذين سمحوا بالرفاه هم أناس ذووا الرؤوس المفكرة من أمثالك.
تاميز: دعك من هذا، فأنت تعلم بأنني لم أخترع شيئا.
توباز: أعرف ذلك جيدا، فلستَ أحد هؤلاء الذين يغذون شعلة الفكر، بل أنت تحميها بيديك الحقيرتين، ويحز في قلبي أن أراهما مكسوتين بالدمامل لأنك لا تستطيع شراء القفاز الجلدي الرمادي المبطن بفرو الأرانب، والذي كنتَ تتطلع إليه منذ ثلاث سنوات في واجهة أحد المحلات.
تاميز: هذا صحيح، ولكن ثمنه ستون فرنكا ولا أستطيع مع ذلك أن أسرقه.
توباز: ولكنهم سرقوه منك لأنك تستحقه ولا تملكه..اكسب إذن المال.
تاميز: مثلك؟ لا..أشكرك جدا، ثم إنه ليس لدي البواعث ذاتها.
توباز: وأية بواعث؟
تاميز: جميع هذه النظريات، إني أعرف من أين جاءت، إنك تعشق امرأة تبتز منك المال.
توباز:نِعْمَ ما تفعل.
تاميز: لقد سبق أن قلت لك هذا يا توباز، إنها مغنية...ولعلها مغنية لا تغني..إنها تكلفك باهظا.
توباز: هل رأيت نساء يعشقن الفقراء؟
تاميز: أَيَصِلُ بك الأمر إلى القول بأنهن جميعهن يحسبن الحسابات ذاتها.
توباز: كلا..إني أقول بأنهن يفضلن عامة الرجال الأغنياء أو الذين يستطيعون كسب الأموال..وهذا شيء طبيعي، ففي عصور ما قبل التاريخ حينما كان الرجال يقطعون أوصال الفريسة ليقتسموا أشلاءها كانت النسوة ينظرن من بعيد..وعندما يتفرق الذكور يحمل كل منهم حصته، أتدري ماذا كانت تفعل النساء؟ كن يتبعن ذلك الذي يحمل أكبر قطعة من اللحم.
تاميز: دع هذا يا توباز..إنك تكفر..حتى لو كان الحق بجانبك فإني لا أريد تصديقك، إذا لم تكن يا توباز قد فسدت تماما فابذل جهدا..وفز بنفسك..اهجر هذه المرأة التي ضللتك..تعالى واهرب معي حالا.
توباز: أنت مجنون يا تاميز المسكين، لست أنا الذي يجب عليك أن تنقذه..بل أنت، هل تريد أن تتركَ مدرسة 'موش'؟..هل تريد أن تشتغلَ معي؟
تاميز: عندما تتعاطى أعمالا شريفة.
توباز: إن أعمالي المقبلة سوف تكون شريفة..وإن لم تكن كذلك بنظرك، لكي تكسب المال يجب أن تأخذه من أحد الناس.
تاميز: وعلى هذا الحساب لن يبق إذن أناس شرفاء.
توباز: لا..بل تبقى أنت، عد غدا لمقابلتي وسندرس إمكانية تغيير هذا.
تاميز: لا ..وبخاصة إذا لم يبق غيري..ولعلهم يخصصون لي راتبا تقاعديا.
(يُفْتَحُ الباب وتدخل 'سُوزِي')
سوزي: (مخاطبة توباز) هل أنت مشغول؟..إني أنتظرك..إني أنتظرك..لقد ذهب 'كاستل'. (تبتسم وتخرج..صمت)
تاميز: هذه هي دَلِيلَةُ الـمُحْتَالَةُ التي حَلَقَتْ لَكَ لـِحْيَتَكَ..إنها جميلة.
توباز: اسمع..هل تستطيع مقابلتي غدا صباحا؟
تاميز: نعم..لأن غدا هو يوم خميس.
توباز: إذن إلى الغد يا صديقي..عفوا.
تاميز: (بلهجة فيها كثير من التسامح) اذهب فإني أعذرك.
(يخرج توباز ويبقى تاميز وحيدا ينظر إلى المكتب يهز رأسه ثم يجر المقعدين الجلديين الوثيرين، ثم يجلس على مقعد توباز في وضعية يخيل إليه أنها وضعية رجل أعمال، يرن إلى جانبه جرس الهاتف فجأة فيرتعد وينهض قافزا من مقعده، تدخل الكاتبة وتتناول السماعة).
الكاتبة: نعم يا سيدي الوزير (يرفع تاميز قبعته بطريقة آلية)، كلا يا سيدي الوزير إن حضرة المدير قد خرج..غدا صباحا يا سيدي الوزير..حسنا يا سيدي الوزير. (تضع الكاتبة السماعة وتكتب محتوى المكالمة على المفكرة الموضوعة فوق المكتب).
تاميز:قولي يا آنستي..أظن أن هنا عددا كبيرا من الموظفين؟
تاميز: خمس ضاربات على الآلة الكاتبة!! ومن هو سكرتير حضرة المدير؟
الكاتبة: ليس عنده سكرتير.
تاميز: آه..ليس عنده سكرتير!
(وبينما كانت الكاتبة ترتب المراسلات والوثائق الموضوعة على المنضدة يخرج تاميز مفكرا والستار آخذ في السدول)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق