ويل للناس من حاكم لا حياء له*

 حتى في أمريكا ضاق المجتمع ذرعا بالمخنثين والمخنثات
ويل للناس من حاكم لا حياء له
يقول أبو العلاء المعري في الحياء: وَهَلْ يَجُودُ الْحَيَا أُنَاساً مُنْطَوِيّاً عَنْهُمُ الْحَيَاءُ ويقول نجيب محفوظ في الحياء أيضا: "وَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْ حَاكِمٍ لاَ حَيَاءَ لَهُ"، ويقول العلامة علي أبو الحسن الندوي عن مجتمعات الفسق والرذيلة والذيوث: "فَإِذَا لَعِبَتِ الخُمُورُ بِرُؤُوسِهِمْ خَلَعُوا جِلْبَابَ الحَيَاءِ وَالشَّرَفِ وَطَرَدُوا الحِشْمَةَ، فَتوَارَى الأَدَبُ وَتَبَرْقَعَ الحَيَاءُ"، ويقول العالم مصطفى السباعي عن اضطراب المقاييس في المجتمعات المتخلفة: "حِينَ تَضْطَرِبُ مَقَايِيسُ الرُّجُولَةِ تَحْكُمُ النِّسَاءُ الرِّجَالَ، وَحِينَ تَضْطَرِبُ مَقَايِيسُ البُطُولَةِ يَحْكُمُ اللُّصُوصُ الشُّجْعَانَ، وَحِينَ تَضْطَرِبُ مَقَايِيسُ الفَضِيلَةِ يَحْكُمُ الأَوْبَاشُ الكِرَامَ".
وعلى ما يبدو من خلال ما بدأ يظهر من إنتاجات متفرقة هنا وهناك في ميادين السينما والمسرح والغناء وما يسمى بالعفون عفوا الفنون الحداثية لحضارة أبي جهل المادية الغربية، فقد بدأت تنتج نوعا أهوجا منحطا بدون أخلاق ولا قيم من أشباه الرجال من الشواذ من المغاربة ومن العربان، الذين يحسبون أنفسهم فنانين حداثيين متنورين، جاؤوا مرسلين من طرف أسيادهم العلوج لتنويرنا وتأدية رسالة السفه والفسق والفجور في بلد الشرفاء والعلماء، وهم في حقيقة أمرهم مجرد كلاب ضالة جاءت تنهش جسد المجتمع.
ولكل من هاته الحثالات البشرية التي تريد أن تنورنا ثمن لخدمة أجندة الغرب الصليبي والصهيونية العالمية،  والهدف المنشود في آخر المطاف هو تشويه صورة المغرب في كل أرجاء العالم بتوصيفه بصورة نمطية للفساد الأخلاقي والدعارة وكل الرذائل المنحطة، في غياب تام لأي دور صارم وحازم من طرف الجهات المسؤولة والعلماء لصيانة كرامة المغاربة قبل توفير خبزهم اليومي، ولعمري أن هذا التشويه المتعمد والمدفوع الثمن من جهات خارجية لهو مغالطة خطيرة وبهتان كبير قد يقع فيها الغرباء من العوام، الذين لا يعرفون شيئا عن المغرب وتاريخه العظيم الحافل بالملاحم الكبرى المجيدة والهامات من الرجال الذين خُلدت أسماءهم بمداد الفخر والاعتزاز إلى يوم الدين، ولو حاول السفهاء والأفاكون طمس الحقائق.
فإن كان الغرب الصهيوصليبي اليوم قويا باقتصاده الفاحش الذي لا يرحم وأسلحته المرعبة الفتاكة أمام أمة الإسلام التي اندحرت وتقهقرت وأفل نجمها، فلسوف يأتي عليه زمن الانحلال والضعف لا محالة ولو بعد حين، وتلك سنة الله في الخلق ولن تجد لسنة الله تبديلا، وإن الواجب الأوجب أصبح يفرض أكثر من أي وقت مضى على كل إنسان ينتمي لأمة الإسلام أن يبحث ويتقصى عن الحقيقة في كل المجالات، بحيث يكون أشبه بجهاز رادار يرصد كل حركة في الأفق ليتبين مواقع الخطر ويحدد أماكن الدفاع والهجوم، وإلا كان هو نفسه أول ضحايا غسيل الدماغ وضياع الهوية والانتماء.
وأي متتبع لكل ما يسمى حاليا بالفن سيدرك بدون جهد أنه أصبح عبارة عن بركة ضخمة آسنة من العفن وانحطاط القيم لمستويات لا نظير لها من ذي قبل، بحيث أن منظري هذا النوع من العفن يسعون بكل ما أوتوا من جهد لإيصال رسالة ضمنية مفادها أن الحياة على كوكب الأرض ليست سوى عنف وجنس ومال وما من حياة أخرى بعد ذلك، وليتسابق الجميع سباقا محموما للظفر بهذه الدنيا الفاتنة، وإن نجاح هذه الآلة الشيطانية الجهنمية في إخضاع المتفرج وأكل مخه وتضبيعه يرجع بالأساس إلى ذاك الفراغ الإعلامي والمعرفي المهول على المستوى الداخلي في الكثير من الأقطار العربية والإسلامية، إضافة لمساهمة وسائل  إعلام هذه الدول عن قصد أو غير قصد  في تشجيع أنواع من العفون الساقطة والفاقدة لأي قيمة فنية وذوق وحس رفيع، وبثها  على المواطنين العَرَّامْ عفوا الكِرام.
ولم يعد الأمر يتوقف على الفضائيات الأجنبية والمخرجين السينمائيين الأجانب فقط، فحتى التي نحسبها وأولئك الذين نحسبهم منا وإلينا يساهمون جميعا في هذه المؤامرة بطرق ملتوية ومتحايلة وأحيانا مبطنة لمحو الذاكرة والهوية الجماعية ونشر الاستلاب الفكري والثقافي والانحطاط الأخلاقي التي يحيكها الغرب بإتقان من حولنا، والنتيجة لا تحتاج إلى تعليق إذا أخذنا بعين الاعتبار التزايد المستمر في أعداد المخنثين والبوهيميين والفوضويين والشواذ والسحاقيات والبغايا والحشاشين والمجرمين والمرتدين وعبدة الشيطان إلخ....
وعلى الدين يسعون ويحاولون بكل الوسائل والدسائس والمؤامرات داخليا وخارجيا أن يجنحوا بسفينة المغرب نحو أخاديد الغرق والهلاك، أن يدركوا جيدا أن الإنسان بمفهومه الحقيقي والأرقى من مجتمعات القردة والخنازير إذا أراد أن يكون أكثر إلحاحا فليفعل ذلك في ميادين العلوم والفنون والآداب الأصيلة وما أكثرها، ولا يحصر هذا الإلحاح كما يحلو لبعض من قاصري الفهم المعقدين من أسيادهم العلوج في ضرب بندير وحلقات أذنين وسوالف وشعور وأوشام في مختلف أنحاء الجسم وسراويل ضيقة ما تحت الخصر وأفلام خلاعة ورذيلة، وكأن هذه الخزعبلات التي أضجرتمونا بها صباح مساء هي فتح عظيم وخاتم سليمان الذي سيفتح أمامنا آفاقا أرحب للقضاء على الأمية والفقر والجهل والفساد الاقتصادي والسياسي والإداري والأخلاقي، فسلعتكم  بكل بساطة فاسدة ومنتهية الصلاحية ولن تلبث أن يُرمى بها في مزبلة من مزابلنا عندما يستيقظ الشعب المغربي من تنويمه المعناطيسي الجاهلي.
هوامش:
* مقولة لنجيب محفوظ