من المسلم به لدى علماء الفلك أن معظم الكويكبات تقع في مدارات بين كوكب المشتري وكوكب المريخ، ويمكن أن يصل قطر أضخمها إلى 600 كيلومتر، وقد تم رصد أول كويكب من طرف 'بلازي' مدير مرصد 'باليرمو' بإيطاليا سنة 1810 فأطلق عليه اسم ' دييس' تخليدا لإلاهة الميثولوجيا اليونانية، ويجمع العلماء على أن سقوط كويكب على الأرض منذ 66 مليون سنة كان سببا في إفناء الديناصورات، وقد تم تحديد آثاره في خليج المكسيك.
في صيف 2004، اكتشف علماء الفلك كويكبا يظنون أنه من المحتمل أن يتقاطع مداره مع مدار الأرض، وهو على كل حال يبقى احتمالا لكنه ليس استحالة، وقد تم احتساب أن يحدث هذا اللقاء في بادئ الأمر سنة 2029 ، ثم أثبتت حسابات أخرى أكثر دقة أن ذلك سوف يحدث سنة 2036، مع إمكانية حدوث ارتطام بالأرض باحتمال نسبته 1 على 5000، لكن في كل الأحوال يبقى خطأ الفلكيين واردا لأن أي علم من العلوم، وحتى أكثرها دقة كالرياضيات، لا يخلو من الأخطاء.
وبالعودة إلى الماضي القريب وبالضبط في صبيحة 30 يونيو سنة 1908 وقع حدث تاريخي عظيم بالنسبة لكوكب الأرض ومر في صمت مطبق ولم يوله أحد أية أهمية، وقتئذ ظهر جسم متوهج غريب في منطقة تونغوسكا بسيبيريا الوسطى بالاتحاد السوفياتي يحلق بسرعة هائلة في السماء، ثم اختفى فجأة مخلفا وراءه ذنبا من الدخان الكثيف وتمت مشاهدة عمود هائل من اللهب على مسافة 450 كيلومتر من مركز الكارثة، ورافق ذلك انفجار ضخم صم الأذان سُمع على مدى دائرة قطرها 200 كيلومتر ودوران موجة هوائية استثنائية عدة مرات حول كوكب الأرض، وقُدرت موجة الصدمة التي أحدثتها هذه الكارثة بما يوازي 1000 قنبلة من طراز هيروشيما، ورافق كل ذلك اهتزازات أرضية عنيفة التقطتها العديد من محطات رصد الزلازل المنتشرة حول العالم بأسره، وظل الأمر طي الكتمان إلى غاية سنة 1927 عندما قامت أكاديمية علوم الاتحاد السوفياتي بإرسال أول بعثة للاستقصاء ما لبثت أن تبعتها بعثتان أخريان في سنوات 1928 و 1930، وتم في الأخير مسح وتصوير جوي غير مكتمل لمنطقة الكارثة سنة 1938.
غير أن هذه الكارثة الأرضية بالرغم من مرور ما ينيف على قرن من الزمن لا زال يكتنفها الكثير من الغموض، إذ لم يتم العثور على أي أثر لاصطدام جسم ما بالأرض وعلى أي أثر لشظية من الشظايا التي تكون قد تناثرت فوق مكان الحادثة، في حين كانت آثار الدمار الظاهر للعيان هائلة تسببت في اجتثاث وسقوط 80 مليون شجرة كأنها أعواد كبريت كانت تغطي غابات التايغا الروسية على مساحة شاسعة بلغت 2000 كلم²، وفي غياب أي مؤشر أو دليل قاطع يثبت إثباتا لا لبس فيه الأسباب الحقيقة وراء هذه الكارثة، تناسلت الكثير من الفرضيات حول طبيعتها وأسبابها مثل انفجار نيزك في الجو على ارتفاع كبير فوق سطح الأرض، أو حدوث كارثة نووية، أو تحطم سفينة فضائية تعود لحضارة كوكب آخر، أو اقتحام ثقب أسود بسرعة هائلة جو الأرض ثم أخيرا فرضية ارتطام الأرض بنواة جليدية لمذنب صغير.
وإلى يومنا هذا ما زالت هذه الكارثة الغامضة التي مرت في صمت مطبق تثير الكثير من الجدل لدى الاختصاصيين الذين سلكوا دروبا مختلفة ومتباعدة وأحيانا غاية في الطرافة في محاولاتهم وضع تصور مقنع ومنطقي للأسباب الحقيقية التي كانت وراء هذا الحدث الخطير الذي بقي لغزا مبهما وسرا علميا مستعصيا على الفهم في العصر الحديث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق