راي داليو’ ‘Ray Dalio’ هو رجل أعمال وملياردير أمريكي صاحب ثروة تبلغ 15.90 مليار دولار،وهو مؤسس شركة الاستثمارات ‘بريدج ووتر أسوشيتس’Bridgewater Associates’ لإدارة الاستثمار، والتي تتخذ من مدينة ويستبورت بولاية كونيتيكت مقراً لها، والتي تعتبر أكبر صندوق للاحتياط النقدي العالمي، بحيث تُدِير أصولاً تزيد قيمتها عن 160 مليار دولار، كتبت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية على أنه بصدد بناء برنامج يجعل مهام الإدارة اليومية للشركات أوتوماتيكيا، بحيث يمكن لهذا البرنامج إصدار الأوامر والتوظيف وتنقيط الموظفين خلال مسارهم المهني، واتخاذ القرارات الاستراتيجية للشركات.
وبالفعل باشر العمل على هذا المشروع فريق من مهندسي البرمجيات المتخصصين في التحليل والذكاء الإصطناعي بشركة ‘بريدج ووتر’، والذي يتوخى منه ‘راي داليو’ تشغيل هذه البرمجيات لإدارة شركته بعد أن يتقاعد عن العمل، ولسوف يُوَظَّفُ هذا البرنامج الذكي لمجموعة من القرارات الإدارية، كتسجيل الاجتماعات، وتقييم الموظفين لبعضهم البعض عن طريق تطبيق إسمه 'دوتس' أو تنقيط، لإظهار نقاط القوة والضعف لديهم حتى تتم ترقيتهم خلال مسارهم المهني حسب ما يستحقون بلا زيادة ولا نقصان، كما سيتم أيضا إنتاج برنامج آخر يوفر طريقة لوضع الأهداف التي تسعى لتحقيقها الشركة، ومن ثم تتبع مدى فعالية العمل في تحقيقها.
ويسعى ‘راي داليو’ من خلال هذه التطبيقات أن تُتَّخَذَ بواسطتها ثلاثة أرباع القرارات في شركته خلال الخمس سنوات المقبلة، مما يعني أن كثيرا من المديرين والرؤساء من أصحاب الكراسي الوثيرة والسيارات الفارهة سوف يصبحون في خبر كان بمجرد ما سيتم اعتماد هذه التطبيقات، وسوف يصبحون يتسكعون في الشوارع ويقتلون الوقت في المقاهي وأماكن التسلية واللهو إن كانوا وفروا بعض البقشيش قبل أن يُرْمَى بهم إلى الشارع.
ولا يمكن نكران أن من مميزات الذكاء الإصطناعي الاستنتاج والتفكير المنطقى، والمنهجية المنضبطة للتخطيط واتخاذ القرارات، والمقدرة على حل المشكلات، والحيادية والدقة في تتبع تنقيط الموظفين، خلافا للذكاء البشري الذي تعتريه عيوب ونواقص كثيرة أخطرها على الإطلاق المزاجية والارتجال والمحاباة.
غير أن الذكاء الإصطناعي هو الآخر له مساوئ ربما هي أخطر من الذكاء البشري بالرغم من هفواته، أخطرها أنه سيطرح في نهاية المطاف التساؤل الكبير عن الفائدة من وجود الجنس البشري كما عبر عن ذلك أستاذ علوم الحاسب في ‘جامعة رايس’ في ولاية تكساس الأمريكية موشيه فاردي عندما قال: "إننا نقترب من العصر الذي سوف تتجاوز فيه الآلات البشر في جميع المهام والأعمال تقريبا".
فكل تنبؤات العلماء تنذر بالخطر، لأن ظهور الذكاء الإصطناعي سوف يتجاوز حدود التقدم وسيغير الإنسانية تغييرا جوهريا، بل هناك من المنظرين من يعتبر أن الذكاء الإصطناعي سوف يصل إلى مستوى غير مسبوق ليصبح قادرا على تحسين نفسه بمعدل يتجاوز كل ما يمكن أن يتصوره العقل البشري، وبذلك سيغرق أكثر من 50٪ من سكان العالم النشطين في العطالة عن العمل على مدى السنوات الثلاثين المقبلة، وسيكون في طليعة من سيدفع ثمن التقدم التكنولوجي غاليا أصحاب الوظائف من الطبقة الوسطى، مع ما سيتبع ذلك من نتائج دراماتيكية في المجتمعات ومن زيادة غير مسبوقة من عدم المساواة.
وليست هذه الاضطرابات بالجديدة، ففي القرن ال 19 أدخلت الثورة الصناعية المكننة التي دمرت العديد من فرص العمل، إلا أن ثورة الذكاء الإصطناعي تختلف جذريا عن الثورة الصناعية لأنها لم تضع القدرات المادية للآلات في مواجهة القوة الجسمانية للبشر، ولكنها وضعت روح الإنسان في مواجهة ذكاء الروبوتات، ولسوف يكون هذا الحدث أعظم اكتشاف للإنسان في التاريخ، ولربما سيكون أيضا الأخير له!
وفي نهاية المطاف سوف تواجه البشرية مأزقا خطيرا متمثلا في الأصل من وجودها في هذه الحياة، فبماذا سينشغل الناس ويملؤون أقات الفراغ الكبير الذي سوف يجثم على صدورهم ويخنق أنفاسهم عندما تصبح الآلات تقوم بكل شيء، إداك لن تجدي لعبة الورق ولا جميع أوساك الدنيا ومخدراتها ولهوها ومتاعها لمليء ذلك الفراغ الكبير الذي ستُضحي معه حياة الناس سوداوية، مملة، تافهة، بخيسة وبدون أدنى قيمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق