فيلم فرنسي إيطالي صدر عام 1978، من إخراج أندريه كايات André Cayatte (1909-1989)، أحد المخرجين الفرنسيين المختصين في الأفلام التي تعالج المواضيع الاجتماعية والسياسية الحارقة، يعد هذا الفيلم من أفضل الأفلام التي أُنْتِجت خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي، فيلم جد رصين بحواره الصريح القوي والجذاب، وأسلوبه الواقعي المستمد من واقع الحياة السياسية وما يَدُورُ وَيُدَارُ في كواليسها وأقبيتها المظلمة، يعري الوجه الآخر للخدمات الحكومية ذات المصالح المشتركة خارج إطار القانون وفي خرق سافر له حتى بالنسبة لفرنسا أم الحريات، ليتم تكييفها وتبييضها فيما بعد من طرف جميع مؤسسات الدولة ومصالحها حتى تصبح هذه الخدمات تبدو كأنها قانونية لا غبار عليها.
وبالرغم من مرور ما يقرب من أربعين سنة على صدور هذا الفيلم، فإنه لم يفقد من حمولته ومغزاه شيئا، لأن العالم ما زال يدور على نفس النمط الذي كان يدور عليه من ذي قبل،كل ما تغير اليوم هو أن مبالغ الرشاوي المتداولة كثرت أصفارها، وكثر في نفس الوقت عدد الأوغاد والحثالات المستعدين للقيام بأي شيء لا يخطر على بال إنس أو جان:
يحصل عالم الأحياء الفرنسي 'مارو' من صحفي إيطالي على وثائق تحتوي على أدلة وحجج دامغة تثبت مسؤولية فرنسا- في شخص أحد المسؤولين الكبار في جهاز الدولة 'جان فيليب لوروى'- عن وفاة 240 طفلا أفريقيا قتلوا بعد إسقاط الطائرة التي كانت تقلهم بواسطة صواريخ فرنسية الصنع تُباع بطرق متحايلة وملتوية، وفي خرق سافر للقانون الدولي لبيع الأسلحة.
لذى عودته من بيت صديقته ومساعدته الإيطالية 'أنجيلا رافيللى' بسيارته، يتعرض العالم 'مارو' لحادثة سير مميتة كانت مدبرة عن سابق إصرار وترصد من طرف المخابرات الفرنسية، غير أنه ترك قبل ذلك نسخة من الوثائق لصديقته ومساعدته في حال تم اغتياله، التي بمجرد علمها بخبر الاغتيال سوف تنتقل مباشرة إلى باريس لتفضح الجريمة التي ارْتُكِبَتْ بحق العالم 'مارو'، غير أن المسؤول الحكومي 'جان فيليب لوروى' يتدخل في محاولة منه لثنيها عن ذلك حتى بالإرشاء بمبالغ مالية خيالية، إلا أنه لم يستطع إلى ذلك سبيلا، واستمرت الصحافية الإيطالية في اتهاماتها، فيتم اعتقالها من طرف المخابرات السرية للتجسس، التي توقعها في شباك مؤامرة محبوكة جد خطيرة، ترغمها بالرحيل إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن قبلت أن تصبح في نظر الرأي العام الفرنسي عميلة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
وبمجرد وصولها لأمريكا ونزولها بأحد الفنادق، يتم اغتيالها داخل غرفتها من طرف شخص بواسطة جرعة قاتلة من مخدر حامض الباربيتوريك، ليتم نشر خبر انتحارها في اليوم التالي في جميع وسائل الإعلام الفرنسية، في حين واصل المسؤول الكبير 'جان فيليب لوروى' أنشطته المعتادة تحت حماية وزيره في وضح النهار وكأن شيئا لم يقع: