"السياسة هي الوسيلة لرجال بدون مبادئ لقيادة رجال بدون
ذاكرة" فرانسوا فولتير
حدثنا
في يوم من أيام الله السالفة الناقد الساخر الداهية فولتير فقال: "في الحياة هناك
نوعان من اللصوص: أولهما اللص العادي، وهو الذي يسرق مالك، وحقيبتك، ودراجتك
الهوائية، ومظلتك إلى آخره، وثانيهما اللص السياسي وهو الذي يسرق منك مستقبلك، وأحلامك، ومعرفتك، وراتبك، وتعليمك، وصحتك، وقُوتَكَ، وبسمتك".
ويستطرد
فولتير قائلا: "والفرق الكبير بين هذين النوعين من اللصوص، يكمن في أن اللص العادي هو الذي يختارك كي يسرق
منك ممتلكاتك، في حين أن اللص السياسي فأنت
الذي تختاره عن طيب خاطر كي يسرقك، والفرق الكبير الآخر- وهو ليس أقلها -هو أن
اللص العادي تتم مطاردته من قبل الشرطة، في حين أن اللص السياسي غالباً ما يكون
محميًا من طرف مواكب من الشرطة".
وذكرني كلام فولتير القدحي في السياسيين بإحدى الحكايات الطريفة
التي تروي أنه خرج في قديم الزمان والعصر والأوان ملك إحدى البلدان السفنجية في رحلة
للصيد، وفي طريقه صادف فلاحاً فقيرا رث الثياب ممطيا حماره، فخاطب الفلاح الملك
بما يليق بمقامه من أدب واحترام وقال: "سيدي، سيكون من الأفضل لكم إن عدتم من
حيث أتيتم، لأن السماء ستمطر وابلا في وقت قصير".
نظر الملك إلى القروي ثم فكر قليلا-كما هي عادة الملوك-وقال: "كيف يمكن لهذا الوغد أن يتنبأ بالطقس بشكل أفضل من الأخصائي المؤهل وذي
الأجر العالي الذي حدثني بخلاف ذلك؟ ..دعونا نواصل طريقنا".
هذا ما فعله الملك ومرافقوه، وسرعان ما بدأت تمطر بشدة حتى أحدثت هولا من السيول،
وابتلت أثواب الملك الفاخرة حتى التصقت بجلده وعظمه، لدرجة أن الملكة لم تستطع كبح
جماح قهقهاتها عندما رأته على تلك الحالة المزرية.
دخل الملك القصر غاضبا، وأقال في رمشة عين خبيره في
الأرصاد الجوية، ثم استدعى الفلاح وعرض عليه المنصب الشاغر، وهو ما رفضه الفلاح قائلا:
"سيدي، أنا لست الشخص المؤهل الذي يفهم شيئًا فيما يتعلق بتقلبات الطقس واضطرابات
المناخ، غير أني عندما أرى أذني حماري مسترخية كثيرا وجد متدلية أعرف أنها سوف تمطر بشدة"، فعين الملك دون
تردد الحمار خبيرا في الطقس والمناخ.