في حين أن أصغر موظف مرتشي ممن جاؤوا من بعدك صارت لديهم أرصدة بنكية منتفخة، ودور وفيلات وعمارات وسيارات وضيعات فلاحية، ثم تَوَجَّهَتْ إلي بالسؤال مباشرة وقالت: اشتري لك على الأقل ولو قَصْدِيرَة (تعني سيارة مستعملة قديمة) حتى يقدرك الناس ويحترموك؟ فأجبتها من سـَمَائِهَا لِـمَائِهَا: تَبّاً لَكِ وَلِلنَّاسِ، وَاذْهَبِي أَنْتِ وَإِيَّاهُمْ إِلَى الجَحِيمِ، وليكن في علمك أيتها التفاهة أنني أمقتك وتمجك نفسي، ولا أكن لك ولو مثقال ذرة من احترام، وكما تعلمين فبالرغم من محاولاتك الماكرة المتعددة لاصطيادي في شباك حزبك العتيد..حزب التفاهة الذي يعد أعضاؤه على المستوى العالمي بالملايير، فإنني عصي على أن تخضعيني لك.
ولو كان فيك القليل من الحياء والمروءة والعزة لغربت عن وجهي إلى الأبد، فآخر مرة صادفتك فيها ضربت بالباب على وجهك المصبوغ، حتى ظننتُ أن رموشك الطويلة الاصطناعية، وأظافرك البلاستيكية الاصطناعية هي الأخرى، وباروكة شعرك المستعار سوف تتطاير من شدة الاهتزاز، لأراك بعد ذلك صلعاء الرأس جرداء الرموش مكسرة الأظافر كمثل فأرة مسلوخة منتوفة.
ولو كان فيك القليل من الحياء والمروءة والعزة لغربت عن وجهي إلى الأبد، فآخر مرة صادفتك فيها ضربت بالباب على وجهك المصبوغ، حتى ظننتُ أن رموشك الطويلة الاصطناعية، وأظافرك البلاستيكية الاصطناعية هي الأخرى، وباروكة شعرك المستعار سوف تتطاير من شدة الاهتزاز، لأراك بعد ذلك صلعاء الرأس جرداء الرموش مكسرة الأظافر كمثل فأرة مسلوخة منتوفة.
ثم غادرتُ فضاء التفاهة واتجهت مسرع الخطى نحو حدائق المنارة عسى أن أجد لي متنفسا طاهرا، غير أني ما كدت أجلس بمكان قصي حتى هجم علي حزب التفاهة ونسله وهم من كل فج كالجرذان يتقافزون، فجلست مع نفسي ردحا من الزمن بالرغم من أجواء التفاهة المخيمة على المكان ألاحظ وأتفحص وأدقق وتأمل في تصرفات أعضاء حزب التفاهة، ولما تيقنت تماما من خواء سوقهم، وميوعتهم، ورداءتهم، وبوار سلعتهم، أبت نفسي أن أشارك حزب التفاهة في تفاهاته، ثم غادرت حدائق المنارة بسرعة وعدت إلى المنزل وشغلت التلفاز، ولم أكد أجلس وأدفئ مكاني حتى طلعت علي التفاهة بطلعتها الغبية بطوفان من الرداءة، فاقتنعت أخيرا اقتناعا لا رجعة فيه بأن علي أن أصادق قطا لعوبا بريئا أو كلبا وفيا صدوقا، وأتخلص نهائيا من حزب التفاهة وجميع المنتسبين إليه، عوض البقاء مهموما مغموما في مراقبة تلكم الخائنة، الساقطة، الرديئة، المائعة، الطماعة، الماكرة، المغرورة، الفضولية والمنحرفة.
ويحك أيتها التفاهة، فمعظم البشر لا يملكون فرصة لكي يعرفوا مدى تفاهة عالمك، ومدى سطحيتك، ومدى ترديك وانحطاطك، فكلما ازداد تظاهرك بالرقة والأناقة والتغنج، فإن حقائقك التي لا تخفي علي تهزني من أعماقي، وتصيبني برعشة حمى المستنقعات، وأشتم أنفاسك الكريهة العطنة التي يتردد في صداها نقيق الضفادع، فلا رابط يربطني بك مطلقا، وأشعر بضيق روحي كلما مررتِ بمحاذاتي، لأن رذائلك تبعد عن فضائلي بأكثر مما يبعد واقعك عن أكاذيبك، وعن عيشك المزور المغشوش المبني على المظاهر الخادعة وشواهد الكذب والإفك والبهتان.
تبا لك أيتها التفاهة، وتبا لأمك وأبيك وبني قومك من كل الملل والنحل والأعراق، وتبا بِأَلِفٍ ممدودة ممتدة ما بين السماء والأرض لأسيادك المتحكمين فيك من وراء البحار، لقد صرت كلما وُرِّطْتُ في لقاء معك أشعر بأن تياري يسري في الاتجاه المعاكس تماما لتيارك، ولا يجمعني بك إن صح التعبير غير الانعدام المطلق للبر والإحسان والثقة والأمان، ولا يشغل بالي لاتقاء شرك احتسابا لأن يكون القادم أسدا إلا أن أختلس نظرة خاطفة في وجهك الدميم الملطخ بالأصباغ لإخفاء بشاعتك وميوعتك، لذلك أبغضتِنِي سرا وابتسمتِ في وجهي علنا، لأنك لا ترضين بمروري من فوق رأسك أنا الذي شربتك ماء، ونصبتُ بيني وبينك جدارا غير مرئي مبني بأشد ما فيك من دناءة وانحلال ورداءة ومكر وضعف وضلال.
كل شيء في سوقك أيتها التفاهة أصبح يبدو لي مكررا ومتشابها وكأن به إعادة لأحداث ووقائع الماضي، لدرجة تثير الغثيان، إذ لا جديد في عالمك المتداعي المحتضر منذ ثلاث مائة ألف عام، هذا كل حصاد أفعالك في القرن الواحد والعشرين، وكل ما جنيتهِ على نفسكِ من اختلال في الموازين وعادات المجتمع، وفساد وانحطاط إلى أسفل سافلين في القيم والأخلاق، وتعفن الغِلال، ويبس الحقول، وقسوة القلوب، وغياض المياه، وانتحار البشر والحيونات والشجر والحجر فرادى وجماعات في أي ركن من العالم بوثيرة تزرع الرعب، وتساقط الطيور من السماء كتساقط البَرَدِ، وفقدان الحيوانات والحشرات من كل صنف بواصلها، وارتفاع وثيرة الكوارث الطبيعية في كل ركن من الكرة الأرضية بشكل غير مسبوق، كل هذا بسبب زيغانك عن الطريق القويم أيتها التفاهة، واقتفاؤك طريقا مؤسسا على الميوعة والرداءة والظلم والمكر والخداع والكذب والضلال والبغي.
وما دام أن كل ما كُتِبَ على الجبين من اللازم أن تشوفه العين كما يحكي الناس أجمعين، فلا يسعني إلا أن أقول: يا مرحى بالتفاهة..ويا مرحى بخبرائها من اليهود والنصارى الذين استعمروا مدننا العربية واستوطنوها من المحيط إلى الخليج، وصاروا هم أسيادها، وطالبونا بجرأة لم يسبق لها نظير منذ أزيد من 1400سنة بحذف كل آية في القرآن الكريم تمس أو تسيئ حسب ادعائهم وظنهم لليهود والنصارى سادة العالم الجدد، وسعوا بكل ما أوتوا من معاول للهدم، ومن مكر وخداع وقوة شكيمة لربطنا من أرجلنا بديمقراطيتهم وحداثتهم وحريتهم وأخوتهم ومساواتهم ولعبهم التكنولوجية، كما تُربط الخرفان في انتظار الذبح من الأذن إلى الأذن، وتحويلنا في النهاية إلى جثت هامدة مجهولة الهوية والانتماء مسلوخة البصمات، والوقوف أخيرا للتبول عليها بكل صلف وهم مترنحون...لَقَدْ خَلاَ لَكِ الجَوُّ أيتها التفاهة..هذا زمانك يا ابنة الزانية..فَبِيضِي واصْفِرِي وَنَقِّرِي مَا شِئْتِ أَنْ تُنَقِّرِي.