أولاد الحرام

"مِنَ الْمُؤَكَّدِ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ شَيْئٌ مُؤَكَّدٌ" الفيلسوف الألماني فريدريش هيغل
أولاد الحرام
العالم صغير وجميل بالنسبة للمتفائلين تفاؤلا ساذجا، ولكنه مترامي الأطراف وسيء كذلك بالنسبة للواقعيين، وفي هذا العالم الصغير والمترامي الأطراف  فئتان من الناس، فئة  أصيلة جاءت لخدمة االناس دون المساس بكرامتهم مع المحافظة على جميع حقوقهم، وهي قلةٌ قليلةٌ ومُحَارِبَةٌ للفساد بالليل والنهار دون كلل أو ملل، ولا تجني من هذه الحياة الدنيا في آخر المطاف متاعا مذكورا، وتُعرف هذه الفئة حسب المصطلح الشعبي المغربي بأولاد الناس، أما الفئة الثانية فقد جاءت إلى هذه الحياة الدنيا خصيصا للدوس على كرامة الناس وهضم جميع حقوقهم، والارتزاق واللصوصية والفساد والإفساد وخدمة طاولات الزبناء ولعق أحذية من يدفع أكثر،  ويُعرف هؤلاء الأقوام بأولاد الحرام. 
وأولاد الحرام قاتلهم الله على عكس أولاد الناس يُمكن التعرف عليهم بسهولة في أول معاملة معهم، لأنهم يخافون ولا يحشمون، ويُسيئون ولا يحسنون، وإن أحسنوا فإن ذلك غالبا ما يكون سوى لدر الرماد في العيون، وفي هذا الزمن الخبيث الذي انقلب وتشقلب فيه كل شيء،  أضحى أولاد الحرام فرسانا  يمتطون  صهوات الجياد  في الوقت الذي يرزح فيه الفرسان الحقيقيون تحت أغلال السلاسل والأكبال.
والدروس التي تعلمتها في الحياة في كيفية التعامل مع أولاد الحرام يمكن تلخيصها فيما يلي:
الدرس الأول: أولاد الحرام أسلحتهم جاهزة ومعبأة في كل وقت وحين، وغالبا ما يوجهون أسلحتهم إلى المقهورين ممن يحفرون، فحاول أن لا تكون من الحفارين المقهورين المحتَقَرين، وعبأ أنت أيضا سلاحك، وكن على أهبة الاستعداد لمواجهة أسوأ الظروف التي قد يضعونك فيها،
الدرس الثاني: إذا سألت فاسأل الرازق وإذا استعنت فاستعن بالخالق ولا تقف أبدا على باب من أبواب أحد من أولاد  الحرام،  فتذل نفسك وتمرغ كرامتك في الوحل،
الدرس الثالث :لا تثق أبدا فيما يقوله أولاد الحرام ولا تجعل لأقولهم في عقلك أو قلبك موضعا، وكن دائما متيقظا ومتأهبا لجميع الاحتمالات، لأن أفعال أولاد الحرام لا يمكن للمرء التكهن بها،
الدرس الرابع: لا تقف أبدا بين أحد من أولاد الحرام وهدفه وأنت أعزل دون حماية وخاوي الوفاض، فإنه سوف يضحي بك في الوهلة الأولى من أجل إصابة هدفه والظفر به،
الدرس الخامس: هنالك ضربات بالقلم أقوى من الرصاص والحسام المهند، فإن حصل لك وأخطأت التصويبة الأولى بقلمك فلا محالة أنك هالك عندما يخط قلم أولاد الحرام جرة واحدة،
الدرس السادس: عندما توجه ضربة قاسمة لأحد من أولاد الحرام أجهز عليه دون رحمة، فإن لم تفعل فعاجلا أم آجلا سوف يوجه لك ضربة غادرة قاتلة من الخلف في الخصر أو الظهر،
الدرس السابع: غالبا ما نخطأ عندما نقدر أولاد الحرام  الذين يشغلون مناصب عليا أكثر من اللازم، وقلما نخطأ عندما لا نقيم لهم أي وزن وأدنى اعتبار، لأنهم أصلا لا اعتبار لهم،
الدرس الثامن: يخلق عادة أولاد الحرام من حولهم جوقة من المزمرين والمطبلين من لاحسي الأحذية وممن يسمون بالمثقفين والمفكرين والأطر، فلا تغرنك الصورة الوهاجة البراقة والمظهر المخملي الفضفاض فتنخرط معهم في التطبيل والتزمير، وتضحي بعد ذلك نادما متحسرا على ما اقترفته يداك،
الدرس التاسع: حزب أولاد الحرام هو أقوى وأشهر حزب على المستوى العالمي، له فروع في كل بقاع الدنيا، ومنتسبوه يعدون بالملايير، فكن على حذر ولا يستهويك في يوم من الأيام منصب أو مال أو متعة حسية عابرة وتصبح رغم أنفك في رمشة عين من أولاد الحرام، فتحسر دنياك وآخرتك معا،
الدرس العاشر: كن واثقا من نفسك واصلا صلتك بخالقك ثابتا على مبدئك منتزعا للحق مكانا علويا في ضميرك ووجدانك على الرغم من كثرة عددهم وعدتهم، ولا تخشى من المكابدة والمعاناة لأن من يخشى من ذلك فإنه سوف يعاني مبدئيا طوال حياته  مما يخشاه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق