الحملات الصليبية الفرنسية على خير الأنام

الحملات الصليبية الفرنسية على خير الأنام
 هزّت العالمَ الإسلاميَّ أجمع تلك الحملات الصليبية المغرضة المتتالية، والتي تهدف إلى الإساءة إلى خير الأنام محمد رسول الله (ص) بإمعان وعن سابق إصرار وترصد، وهو ما آلم كل مسلم غيورٍ على دينه، لما تحمله هذه الحملات من حقد تاريخي دفين، وبما فيها من استهزاء وسخرية بمقدسات وثوابت الدين الإسلامي، ولكن هيهات هيهات أن تُطْفِئَ الْبَصْقَةُ ضَوْءَ الشَّمْسِ؟
بقول بيير فوجل (أبو حمزة) أحد المسلمين الألمان، وأحد الدعاة إلى الإسلام في ألمانيا، وكان نصرانيًا بروتستانتيًا: «حالُ مَنْ يَسُبُّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كالباصقِ على الشمسِ، لن تُجَاوِزَ البَصْقَةُ رأسَهُ ثم تهوِي على وجْهِهِ، ولا يَضُرُّ الشَّمْسَ شَيْءٌ».

إن رفض فرنسا والغرب عامة للإسلام ليس وليد اليوم ولكنه رفض تاريخي، لأن هؤلاء الأقوام يريدونه إسلاما غربيا مفروغا من أي محتوى للعزة التي هي رأس الإسلام وروحه، ويريدونه إسلاما درويشا ذليلا خاضعا لا يَعْلُو وَيُعْلَى عليه، وهي دعوة صريحة وواضحة إلى العالمية بين المسلمين حتى يرتدوا عن التمسك بالإسلام كإطار يجمع بين المسلمين، ويذوبون كالزبدة على النار في الآخرين، ويقبلون قيادة الأقوياء أصحاب المصلحة في الدعوة إلى العالمية، وهل هنالك من أصدق وأحسن قولا من رب العزة: "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم؟"
لقد أضحى من الواضح المفضوح منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 تنامي التضييق الأمني المتزايد باطراد على المسلمين الممارسين لعباداتهم، وعلى المنظمات الإسلامية في فرنسا، لدرجة أن بعض البلديات اتخذت من الإسلاموفوبيا حصان طروادة للدفاع عما يسمونه قيم جموريتهم، وكأن المسلمين قطيع من النعاج لا قيم ولا تاريخ لهم.
وفي هذا الصدد يقول جاك بيرات Jacques Peyrat العضو في حزب التحمع من أجل حركة شعبية (UMP) والعضو السابق في حزب الجبهة الوطنية العنصري  )FN(: "إن المساجد بوصفها أماكن عبادة لا يمكن أن تجد لها مكانا في جمهورية علمانية".
ومن المفارقات الصارخة أن فرنسا أم الحريات التي تدعي في شعارها الوطني الذي يعود إلى زمن الثورة الفرنسية: حرية-مساواة-أخوة (Liberté-égalité-fraternité) ما تزال تصنف غالبية أبناء المهاجرين الأفارقة والمسلمين والعرب على أنهم عرب ومسلمون بالرغم من كونهم مواطنين فرنسيين حاملين للجنسية الفرنسية.
والخطير في الأمر هو أن نمو الإسلاموفوبيا لم يعد منحصرا في أوساط الجمعيات العنصرية واليمين الفرنسي المتطرف والحركات الصهيونية المتشددة، بل بدأ ينتشر بصورة مقلقة حتى في الأوساط المثقفة، تدعمه بطريقة مباشرة الماكينة الإعلامية الفرنسية لصناعة الصورة النمطية السيئة عن الإسلام والمسلمين، وتدعمه أيضا بصورة غير مباشرة شخصيات فرنسية عامة مشهورة.
وأعود هنا إلى موضوع كنت قد كتبته سنة 2005 عندما نَشَرَتْ صحيفة يلاندس بوستن الدنماركية 12 كاريكاتيرا مسيئا للرسول (ص) في 30 سبتمبر 2005، ثم نشرته من بعدها صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية في عام 2006، ثم كررت شارلي إيبدو نشر نفس الرسوم سنة 2015.
وفي مطلع أكتوبر 2020 أعلنت صحيفة لا نوفال ريبوبليك الفرنسية، تضامنها مع أستاذ التاريخ الفرنسي الذي قُتِلَ بسبب رسومات مسيئة ومهينة لنبي الإسلام عليه الصلاة والسلام، ونشرت هذه الجريدة الفرنسية على صفحتها الأولى غلاف مجلة شارلى إيبدو الساخرة الذي يحمل الرسوم المسيئة والمهينة.
فماذا تريد جريدة 'شارلي إيبدو' والصحف الفرنسية المتحاملة على الرسول الكريم وعلى كل ما يمت للإسلام بصلة؟ وماذا يريد جميع من يدعم هؤلاء ومن يقف في صفهم من المخنثين والمخنثات من وراء اتخاذ نبي الإسلام مادة للسخرية السوداء والتهكم الفج والغير أخلاقي طيلة هذه المدة؟ هل نفذت لديهم جميع المواضيع ولم يبق لهم من شغل شاغل إلا الدين الإسلامي ونبيه المصطفى عليه أزكى الصلاة والسلام؟ هل تريد هذه الجرائد العاهرة والغير مسؤولة أن تنال الشهرة عن طريق الإهانات المتتالية للدين الإسلامي ونبيه الكريم، وبت روح الكراهية والبغضاء بين الأمم والشعوب والديانات، وتُدخل العالم في متاهات لا قبل له بها ولا مخرج منها سوى الخراب، وأن تُشعل نيرانا لن تطفئها جميع محيطات وبحار العالم؟
تَدَّعُونَ أيها الفرنسيون المتعجرفون بأن حرية التعبير مقدسة لديكم، وأنا أرد عليكم بأن نبي الإسلام عليه أزكى الصلاة والسلام بالنسبة لي أقدس وأطهر  وأرحم وأرأف وأعدل من حرية تعبيركم التي لا ضوابط لها ولا قيم ولا أخلاق…فلكم قيمكم ولنا قيمنا التي لن نحيد عنها قيد أنملة، وإذا أردتم أن نحترم قيمكم فعليكم أن تحترموا قيمنا أولا.. وإلا فإن البادئ بالسوء أظلم، ولو كان فيكم حس للمسؤولية واعتراف لنا بالقليل القليل من الجميل لما تماديتم في تهحمكم على رمز المسلمين الأسمى وقدوتهم العليا، لأننا علمناكم معنى النظافة والتحضر في عصور ظلماتكم وهمجيتكم وقذارتكم، عندما كنتم لا تستحمون إلا مرة كل سنتين تبعا لخزعبلات كنيستكم المضحكة، وكنتم تتبرزون وتتبولون في الشوارع في كبرى مدنكم كباريس، التي كانت تخترق شوارعها ذات الروائح الكريهة العطنة مجاري المياه العادمة في الهواء الطلق.
يا من دخلتم الجزائر عام 1830م وخرجتم منها تجرون ذيول الخيبة عام 1962م من بعد مائة وثلاثين عامًا من الاحتلال البغيض والجرائم المروعة من تقطيع للرؤوس وما إلى ذلك من الأفعال الهمجية والبربرية، وتركتم نسبة التعليم فيها لا تتجاوز 5 %، وارتكبتم فوق ذلك كله مجازر فظيعة يندى لها الجبين بحق أبناء الشعب الجزائري المسلم، وذلك بقتلكم بدم بارد لإثني عشر مليون  شهيد منذ دخولكم النجس للجزائر سنة  1830 حتى خروجكم منها مندحرين سنة  1962
هذا ما فعلتموه بالمسلمين من تقتيل وتنكيل وقطع للرؤوس، أما المسلمون فيكفيهم فخرا أنهم إبان حكمهم الأندلس في عهد عبد الرحمن الناصر أن نسبة الأمية بين الناس جميعا كانت تساوي صفرًا، فلا تنسوا بـأن الزمان يدور، فإن كان هذا يومكم فلا ريب أن يومنا آت إن شاء الله تعالى طال الزمان أم قصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق