الدهر ذو عبر لمن يتدبر

الدهر ذو عبر لمن يتدبر

قال يَزيد بن عمر النَّخَعِيُّ:

الْحِلْمُ عِنْدَ ذَوي الأَلبَابِ مَوْعِظَةٌ      وبَعْضُهُ   لِسَفِيهِ  الرَّأْيِ   تَدْرِيبُ
وقال الحارِثُ بن حِلَّزَة:
وَفِي الصَّبْرِ عِنْدَ الضِّيقِ لِلْمَرْءِ مَخْرَجُ      وَفِي  طُولِ  تَحْكِيمِ  الأُمُورِ تَجَارِبُ
وقال نَصيح الأُسدِي:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْيَوْمَ أَسْرَعُ ذَاهِبٍ       وَأَنَّ  غَدًا  للِنَّاظِرينَ   قَرِيبُ
وقال الحَرِث بن نمر التُنوخي:
وَقَدْ تَقْلِبُ  الأَيَّامُ  حَالاَتِ  أَهْلِهَا      وَتَعْدُو عَلَى أُسْدِ الرِّجَالِ الثَّعَالِبُ
وقال المخَبَّلُ السَّعْدِيُّ:
وَمَا الْمَرْءُ إِلاَّ كَالْهِلاَلِ وَضَوْئِهِ      يُوَافِي تَمَامَ  الشَّهْرِ  ثُمَّ  يَغِيبُ
وقال عبيدة بن حصن الأَودي:
إِذَا  مَا أَتَيْتَ  الأَمْرَ  مِنْ غَيْرِ  بَابِهِ     ضَلَلْتَ وَإِنْ تَقْصِدْ إِلَى الْبَابِ تَهْتَدِ
وقال شُريح بن مرَّ الكِنديُّ:
وَمَا لِامْرِيءٍ طُولُ الْخُلُودِ وَإنَّمَا      يُخَلِّدُهُ   طُولُ   الثَّنَاءِ   فَيَخْلُدُ
وقال يزيد بن محمَّد الكندي:
وَلقَدْ رَأَيْتُ مِنَ الْحَوادِثِ عِبْرَةً      وَالدَّهْرُ  ذُو   عِبَرٍ  لِمَنْ  يَتَدَبَّرُ

وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود:

إِذَا شِئْتَ أَنْ تَلْقَى خَلِيلاً مُصَافِياً      تَعِبْتَ   وَإِخْوانُ   الصَّفَاءِ  قَلِيلُ

وقال الأغلبُ العجلي:
والْمَرْءُ  تَوَّاقٌ إِلَى مَا لَمْ  يَنَلْ      وَالْمَوْتُ يَتْلُوهُ ويُلْهِيهِ وَالأَمَلْ
وقال حسان بن ثابت:
رُبَّ حِلْمٍ  أَضَاعَهُ عَدَمُ الْمَا      لِ وَجَهْلٍ غَطَّى عَلَيْهِ النَّعِيمُ
وقال عمرو بن براقة الهمداني:
فَلاَ تَأْمَنَنَّ الدَّهْرَ حُرًّا ظَلَمْتَهُ      فَمَا لَيْلُ مَظْلُومٍ  كَرِيمٍ  بِنَائِمِ
وقال الخليل بن أحمد بن عمرو:

اِعْمَلْ بِقَوْلِي وَإِنْ قَصَّرْتُ فِي عَمَلِي      يَنْفَعُكَ  قَوْلِي وَلاَ يَضْرُرْك  تَقْصِيرِي
اُنْظُرْ  لِنَفْسِكَ   فِيمَا   أَنْتَ   فَاعِلُهُ      مِنَ   الأُمُورِ  وَشَمِّرْ  فَوْقَ  تَشْمِيرِي

وقال الفرزدق:
يَفِرُّ  مِنَ   الْمَنِيَّةِ   كُلُّ  حَيٍّ      وَلاَ يُنْجِي مِنَ الْقَدَرِ الْحَذَارُ
وقال زُفَر بن الحارث الكِلابيّ:
وَقَدْ يَنْبُتُ الْمَرْعَى عَلَى دِمَنِ الثَّرَى      وَتَبْقَى  حَزَازَاتُ  النُّفُوسِ كَمَا هِيَا

قال بُزْرُجُمِهْرُ: يجبُ للعاقل ألا يجزع من جَفَاءِ الولاة وتقديمهم الْجَاهِلَ عليه، إذا كانت الأقسامُ لم توضع على قدر الأخطار، فإن حَكَمَ الدنيا لا يُعطي أحدًا ما يستحقه، لكن يزيده أو ينقصه.
وقيل لأنوشروان: لم مُعادَاةُ الصديق أهون من مصادقة العدو؟ قال: لأن كسر الإناء أهون من صنعته، وتخريق الثوب أهون من نسجه، وقيل له: لِمَ الأكول يشبع من الطعام، والحريص لا يشبع من المال؟ قال: لأن الطعام يحصل في البطن، والمال يحصل في الخزائن، والبطن لا يُستطاع أن يُزاد فيها، والخزائن يُستطاع أن يُزاد فيها.
روى ابن عائشة  أن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال لابنه الحسن: يا بني، ما السداد؟ قال: دفع المنكر بالمعروف، قال: فما السؤدد؟ قال: اصطناع العشيرة وحمل الجريرة، قال: فما المروءة؟ قال: العفاف وإصلاح المال، قال: فما المجد؟ قال: تعطي في الغرم، وتعفو عن الجرم، قال: فما اللوم؟ قال: قلة الندى والنطق بالخنا، قال: فما الشُّحُّ؟ قال: أن ترى قليلَ ما يُنفقُ سرفًا، وما وصلت به تلفاً، قال: فما الْجُبْنُ؟ قال: الجرأة على الصديق والنكول عن العدو، قال: فما الزهد؟ قال: الرغبة في التقوى والزهادة في الدنيا، قال: فما القناعة؟ قال: الرضى باليسير والتجزي بالحقير، قال: فما الغفلة؟ قال: ترك المرشد وطاعة الْمُفْسِدِ، قال: فما السَّفَهُ؟ قال: اِتِّبَاعُ الدُّنَاةِ ومُصَاحَبةُ الغُوَّاةِ.
 وقيل لبعض الهنود: من أسوأ الناس حالاً؟ قال: رجُلٌ سُلِبَ عِزَّ الْغِنَى، وَلَمْ يُمَرَّنْ على ذُلِّ الْفَقْرِ.
ورأى بعضُ الحُكَماءِ رَجُلاً ذَا نَسَبٍ شَرِيفٍ وَفِعْلٍ دَنِيءٍ، فقال: مَا أَحْوَجَ شَرَفَكَ إِلَى مَنْ يَصُونُهُ، فَتَكُونُ فَوْقَ مَا أَنْتَ دُونَهُ.