كان يا ما كان لاماليف Once upon a time there was Lamalif

تكريم لمجلة 'لاماليف' المغربية Hommage à la revue marocaine Lamalif
تعتبر مجلة لاماليف Lamalif (اللام والألف) التي تعني "لا" الصادرة باللغة الفرنسية- التي كانت تهتم بالمواضيع الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية- إحدى أهم التجارب الإعلامية الرائدة في تاريخ الصحافة المغربية المستقلة المتخصصة والمقاومة، وتكمن أهمية هذه المجلة في كونها كانت تضم في  صف تحريرها باقة من أرفع وألمع الأقلام الفكرية والنضالية التي عاصرت فترة الستينيات والسبعينيات حتى أواخر الثمانينيات من القرن العشرين بالمغرب، تم تأسيسها سنة 1966 من طرف محمد الغلام رحمه الله الذي تقلد منصب رئيس الإدارة رفقة زوجته الصحفية السيدة زكية داوود (إسمها الأصلي جاكلين ديفيد) التي تقلدت منصب رئيسة التحرير.
تقول السيدة زكية داوود: "إننا نعيش في مجتمع يتظاهر بالأشياء، ونحن نرفض أن نرضخ لهذا المنطق"، وهذه الجملة المقتضبة والقوية تلخص إلى حد ما الخط التحريري المعارض الذي انتهجته المجلة طوال مسارها المهني الذي امتد لما يقترب من ربع قرن رغم كل العراقيل والمضايقات، واستطاعت أن تصمد وسط بحر هائج متلاطم الأمواج طوال كل هذه المدة الزمنية في زمن كان يوصف بسنوات الرصاص.
توقفت تجربة لاماليف سنة 1988  مُجْبَرَةً لا مُخَيَّرَةً بعد 22  عاما من العطاء السخي المستمر والمتميز بطرازه الرفيع لغة وأسلوبا وفكرا، وذلك بعد صدور 200 عدد من أعداد المجلة، التي أعتبرها بحق كنزا ثقافيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا ثمينا لجميع الباحثين لحقبة من تاريخ المغرب غنية بأحداثها ورجالها، هذا التوقف الإجباري الذي فتح أعين من تابعوا هذه التجربة النادرة في تاريخ الصحافة المغربية على واقع مرير اليوم، غير مصدقين لما آلت إليه الأوضاع الصحافية في معظمها حاليا من ترد وتقهقر واندحار قيمي وفكري على جميع الأصعدة والمستويات، تذكرني بالقول البليغ للشاعر ابن المعتز رحمه الله:
رُبَّ يَوْمٍ بَكَيْتُ فِيهِ فَلَمَّا 
                       صِرْتُ فِي غَيْرِهِ بَكَيْتُ عَلَيْهِ
واحتفاء بذكرى هذه المجلة الغراء أضع بين يدي القراء مقتطفات من قصيدة 'إرادة الحياة' للشاعر التونسي أبي القاسم الشابي رحمه الله، والتي تم نشرها مترجمة إلى اللغة الفرنسية في الركن الخاص بالشعر ضمن العدد الأول من هذه المجلة الصادر بتاريخ 15 مارس من سنة 1966
كان يا ما كان لاماليف Il était une fois Lamalif

إِذَا الشَّعْبُ   يَوْمَاً  أرَادَ   الْحَيَاةَ        

            فَلاَ  بُدَّ  أنْ   يَسْتَجِيبَ    الْقَدَرْ

وَلاَ    بُدَّ    لِلَّيْلِ   أَنْ    يَنْجَلِي       

            وَلاَ   بُدَّ    لِلْقَيْدِ   أَنْ    يَنْكَسِرْ

وَدَمدَمَتِ  الرِّيحُ   بَيْنَ  الْفِجَاجِ    

          وَفَوْقَ   الْجِبَالِ  وَتَحْتَ   الشَّجَرْ

إذَا   مَا    طَمَحْتُ   إِلَى  غَايَةٍ    

          رَكِبْتُ   الْمُنَى   وَنَسِيتُ   الْحَذَرْ

وَلَمْ   أَتَجَنَّبْ  وُعُورَ  الشِّعَابِ     

         وَلاَ   كُبَّةَ     اللَّهَبِ     الْمُسْتَعِرْ

وَمَنْ  لاَ يُحِبُّ  صُعُودَ  الْجِبَالِ   

       يَعِشْ   أَبَدَ   الدَّهْرِ   بَيْنَ   الْحُفَرْ

فَعَجَّتْ  بِقَلْبِي   دِمَاءُ  الشَّبَابِ    

       وَضَجَّتْ   بِصَدْرِي   رِيَاحٌ   أُخَرْ

وَأَطْرَقْتُ أُصْغِي لِقَصْفِ الرُّعُودِ  

       وَعَزْفِ   الرِّيَاحِ    وَوَقْعِ    الْمَطَرْ

وَقَالَتْ لِيَ الأَرْضُ لَمَّا  سَأَلْتُ:       

     "أَيَـا  أُمُّ  هَلْ  تَكْرَهِينَ   البَشَرْ؟"

أُبَارِكُ  فِي النَّاسِ أَهْلَ الطُّمُوحِ    

      وَمَنْ    يَسْتَلِذُّ    رُكُوبَ   الْخَطَرْ

وأَلْعَنُ  مَنْ لاَ  يُمَاشِي  الزَّمَانَ   

       وَيَقْنَعُ    بِالْعَيْشِ   عَيْشِ   الْحَجَرْ

هُوَ الْكَوْنُ حَيٌّ  يُحِبُّ الْحَيَاةَ   

       وَيَحْتَقِرُ    الْمَيْتَ     مَهْمَا   كَبُرْ

فَلا الأُفْقُ يَحْضُنُ مَيْتَ الطُّيُورِ  

       وَلاَ    النَّحْلُ   يَلْثِمُ   مَيْتَ  الزَّهَرْ

وَلَوْلا  أُمُومَةُ   قَلْبِي   الرَّؤُومِ   

       لَمَا   ضَمَّتِ  الْمَيْتَ  تِلْكَ  الْحُفَرْ

إِذَا  طَمَحَتْ لِلْحَيَاةِ  النُّفُوسُ

        فَلاَ   بُدَّ   أَنْ   يَسْتَجِيبَ   الْقَدَرْ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق