بميزانية سنوية ضخمة تصل إلى ما يناهز 27 مليار دولار، يمكن نظام إيشلون التجسسي الإستخباراتي المخابرات الأمريكية من التنصت بطريقة يومية وروتينية على المكالمات الهاتفية، الفاكسات والرسائل الإلكترونية في جميع بقاع المعمور، لقد تم وضع شبكة الرصد العالمية هذه منذ ثمانينيات القرن الماضي تحت تصرف وكالة الأمن القومي الأمريكي، أكثر المنظمات سرية في التاريخ، لمراقبة عن كثب جميع الاتصالات الدولية.
يعود ظهور الشبكة التجسسية إيشلون إلى زمن الحرب الباردة عندما تم تأسيس تحالف لجمع وتبادل المعلومات تحت اسم 'UKUSA' بين انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية، ما لبث أن انضمت إليه كل من كندا، أستراليا وزيلندة الجديدة، فأنشئت منذ سبعينيات القرن الماضي عدة محطات تنصت في هذه الدول لرصد الإشارات المرسلة إلى الأرض بواسطة الأقمار الاصطناعية مثل أنتلسات وإنمارسات، إضافة إلى مئات الأقمار اللإصطناعية التجسسية التي ترصد أمواج الراديو والهواتف الخلوية وغيرها، بل لم تسلم من المراقبة والتجسس حتى كابلات الاتصالات القابعة في أعماق البحار والمحيطات، أما فيما يخص الإنترنت فإن مراقبة هذه الشبكة يعتبر لعب أطفال بالنسبة لهذه المنظمة، إذ أن كل البيانات التي تمر خلالها من رسائل، فاكس، تلكس وبريد إلكتروني ومكالمات هاتفية من جميع أرجاء المعمور يتم فرزها وفحصها واختيار ما يتم تحليله معمقا.
إن نظام إيشلون يعتمد بالأساس على أجهزة كمبيوتر جبارة لمسح وتحليل كم هائل من الرسائل لاستخراج منها ما يمكن اعتباره يمثل مصلحة، بحيث تتلقى محطات الاعتراض الملايين من الرسائل الموجهة إلى المحطات الأرضية كل ساعة، فيتم فحصها جميعا باستخدام كلمات أو عناوين مبرمجة مسبقا، ويكفي أن يرصد النظام كلمة مثل 'مخدرات' أو 'إرهاب' أو 'عصابات' أو 'أسلحة بيولوجية وكيماوية' أو ' أسلحة نووية' وما يزخر به القاموس الخاص للإيشلون من مصطلحات، حتى يتم أوتوماتيكيا فحص وتحليل محتوى جميع الرسالة، كما يحدث عادة على محركات البحث على الإنترنت، بواسطة هذه الأذن الشيطانية الضخمة المجهزة بأحدث الأنظمة الأوتوماتيكية للتعرف على الأصوات، والقراءة البصرية، وتقييم محتوى أية رسالة يتم اختيارها بواسطة أجهزة الكمبيوتر.
ولا ريب أن هذا المقال سوف يمر عبر المصفاة الضخمة للعام سام ولن يوليه إيشلون أي اهتمام لأن صاحبه ليس 'إرهابيا' ولا جاسوسا ولا عميلا ولا مهرجا سياسيا، وليس لديه أي طموح لقلب نظام للحكم في أي مكان.
ولا ريب أن هذا المقال سوف يمر عبر المصفاة الضخمة للعام سام ولن يوليه إيشلون أي اهتمام لأن صاحبه ليس 'إرهابيا' ولا جاسوسا ولا عميلا ولا مهرجا سياسيا، وليس لديه أي طموح لقلب نظام للحكم في أي مكان.
لقد دخل العالم منذ ثمانينيات القرن الماضي مرحلة وعهدا آخر لم تعد فيه للحدود الطبيعية أو الجغرافية أو السياسية معنى واضح كالذي كان عليه الأمر سابقا كما يظهر على الخرائط الورقية الملونة ، بل الأدهى من ذلك أنه لم يعد هنالك معنى وتعريف واضح لما يسمى بالسيادة الوطنية ولا حتى للصداقات والعداوات.
وفي عالم السياسة الذي هو في حقيقة أمره ليس سوى لعبة شطرنج بحجم الكرة الأرضية يمثل فيه السياسيون الملوك و'المواطنون' البياذق، تستمر هذه اللعبة طالما لم يحدث طارئ يقلب الطاولة وما عليها، كان منذ القدم ولا زال السياسيون يوهمون 'المواطنين' بأنهم يحكمون في إطار دولة الحق والقانون والعدالة والمساواة، تارة باسم 'الدين' وتارة أخرى باسم 'الديمقراطية'، والحق يُقال أنْ ليس هنالك البتة شيء من ذلك، وليست هنالك لا عدالة ولا مساواة ولا إحسان ولاصداقات ولاعداوات دائمة ولكن على النقيض من ذلك هنالك دائما أغراض ومصالح دائمة لا غير، حتى ولو أدى ذلك إلى تصوير هؤلاء 'المواطنين' المساكين عراة في غرف نومهم، أهلا بكم في زمن حرب المعلومات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق