ثقافة غائبة في مجتمعنا بين أفراده وجماعاته وإداراته وحكامه ومحكوميه، ولا شك أن من يلحظ ذلك بعين ناقدة وبصيرة نافذة هم بلا ريب السياح الغربيون الذين يجب الاعتراف لأوطانهم بكل موضوعية وتواضع بالريادة في هذا السلوك الحضاري الرفيع الذي ينم عن توازن نفسي وتفكير منطقي وخلق عال.
وكان الأولى والأجدر بنا نحن كمسلمين أن نكون السباقين إلى إعطاء المثل للغير في هذا المجال امتثالا لقوله تعالى: "والكاظمين الغيظ و العافين عن الناس و الله يحب المحسنين" الآية 134 سورة آل عمران.
فلطالما لاحظت الصدمة والحيرة تعلو وجوه هؤلاء السياح في مواقف شتى انعدم فيها الاعتراف بالخطأ والاعتذار فيما بيننا كأبناء وطن واحد، ومن يتابع ويرى عن كتب سلوك أفراد المجتمع إجمالا في طرقه وشوارعه وأزقته وتجمعاته السكنية وإداراته وفي كل منحى من مناحي الحياة، فإن أول ما سيلحظه هي تلك الوجوه المكفهرة المتجهمة، وجوه عليها غبرة ترهقها قترة، ويستغرب استغرابا ويتساءل تساؤلا عن أسباب تلك الجفوة والغلظة والصلف والشدة في تعاملنا مع بعضنا البعض والابتسام واللطف والتزلف إلى درجة الانبطاح مع الغرباء.
إن مجرد حادث تافه بين فردين قد يتطور إلى انهيار الحوار العقلاني ثم إلى صراخ وشتائم بذيئة وصدام عنيف ينتهي أحيانا إلى ما لا تحمد عقباه، ولا ريب أن مصدر هذا السلوك الذهني المتخلف يرجع بالأساس إلى القهر الاجتماعي الخانق المزمن وسوء التربية وانعدام الخلق منذ الصغر اللذين ينتج عنهما لا محالة سرعة تدهور التفكير المنطقي والتعصب والتحيز وسرعة إطلاق الأحكام القطعية والأحكام المسبقة، غير أن الطامة الكبرى هي الزيادة على كل ذلك في المكابرة وعدم الاعتذار.
فلو افترضنا عرض أنفسنا جميعا لتشخيص نفساني دقيق فيما يخص الاتزان العقلي والتوازن النفسي فلا شك أن النتيجة ستكون صادمة بكل المقاييس، يقول الدكتور مصطفى حجازي في مؤلفه بعنوان التخلف الاجتماعي مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور: "إن مفهوم الاعتداء على القانون في مجتمع القهر غير واضح تماما، فالضوابط الخلقية الداخلية غير فعالة دائما وليس هناك أخلاق بين الفئات المقهورة بمعنى الالتزام العلائقي تجاه الآخر من خلال الاحترام المتبادل والمراعاة المتبادلة ، لذلك تشيع تصرفات الاحتيال والغش والخداع والاستغلال بقدر ما تسمح به إمكانات التهرب من الملاحقة، ليس هناك مصلحة عامة وتآزر اجتماعي، فكل يتدبر أمره كما يستطيع في غياب الانتماء والالتزام".
وينعكس هذا السلوك الغير سوي ولو بدرجة أقل حدة حتى على المستوى الرسمي والدوائر العليا في الحكم، فقلما سمعنا عن اعتذار جهة رسمية للناس عن تقصيرها أو ارتكابها أخطاء فادحة وأحيانا قاتلة في أداء واجباتها، فقواميسها الخاصة وحصونها السرية المنيعة المحكمة الإغلاق لا تشمل البثة ثقافة الاعتذار، فقد ينقطع فجأة التيار الكهربائي وتُمسي مدينة بأكملها في الظلام، وقد تغرق مدينة بمجرد سقوط أمطار متوسطة بسبب ضعف أو سوء تجهيز أو انسداد قنوات الصرف الصحي، ومع كل ما ينتج عن ذلك من خسائر فادحة في ممتلكات المواطنين لا تجد أو تسمع ولو اعتذارا واحدا في الصحف أو في الوسائل السمعية البصرية لأي مسؤول، وهذا السلوك في حد ذاته يجعل "إحساس الإنسان في المجتمع المتخلف بأنه متروك ليواجه مصيره دون حماية فعلية أوضمانة أكيدة للحاضر والمستقبل، يجعله يجابه قلق الوحدة والتعرض للخطر بشكل عنيف يؤدي إلى انهيار الانتماء الاجتماعي" نفس المصدر، إضافة لما يحدث في شؤوننا الصحية من مآس وأخطاء كارثية، وما يحدث في تعليمنا من هفوات وإخفاقات بالجملة إلى غير ذلك من تبخيس وهدر لقيمة المواطنة التي لا يخلو منها أي قطاع البتة.
وينعكس هذا السلوك الغير سوي ولو بدرجة أقل حدة حتى على المستوى الرسمي والدوائر العليا في الحكم، فقلما سمعنا عن اعتذار جهة رسمية للناس عن تقصيرها أو ارتكابها أخطاء فادحة وأحيانا قاتلة في أداء واجباتها، فقواميسها الخاصة وحصونها السرية المنيعة المحكمة الإغلاق لا تشمل البثة ثقافة الاعتذار، فقد ينقطع فجأة التيار الكهربائي وتُمسي مدينة بأكملها في الظلام، وقد تغرق مدينة بمجرد سقوط أمطار متوسطة بسبب ضعف أو سوء تجهيز أو انسداد قنوات الصرف الصحي، ومع كل ما ينتج عن ذلك من خسائر فادحة في ممتلكات المواطنين لا تجد أو تسمع ولو اعتذارا واحدا في الصحف أو في الوسائل السمعية البصرية لأي مسؤول، وهذا السلوك في حد ذاته يجعل "إحساس الإنسان في المجتمع المتخلف بأنه متروك ليواجه مصيره دون حماية فعلية أوضمانة أكيدة للحاضر والمستقبل، يجعله يجابه قلق الوحدة والتعرض للخطر بشكل عنيف يؤدي إلى انهيار الانتماء الاجتماعي" نفس المصدر، إضافة لما يحدث في شؤوننا الصحية من مآس وأخطاء كارثية، وما يحدث في تعليمنا من هفوات وإخفاقات بالجملة إلى غير ذلك من تبخيس وهدر لقيمة المواطنة التي لا يخلو منها أي قطاع البتة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق