يعتبر محمد بن عبدالكريم الخطابي رحمه الله أبرز شخصية في القرن العشرين على مستوى العالم، ليس لأنه قاد حربا تحررية جاب صداها كل الآفاق، لدرجة أن خططها وتكتيكاتها الميدانية التي دوخت الصبليون والفرنسيس وأرتهم النجوم في الظهر الأحمر أصبحت تلقن في أشهر الكليات العسكرية العالمية، بل لأنه كان قائد حرب من أجل الكرامة والحرية والعزة الإسلامية فقط (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين)، ولم يكن يطمح إلى سلطان أو جاه أو منصب للتسلط والأخذ بنواصي المستضعفين، بل يمكن اعتباره بكل امتياز أمير المضطهدين والمستضعفين بكل ما في الكلمة من معنى.
محمد بن عبدالكريم الخطابي هي الصورة الناصعة للمسلم المؤمن الذي لا يلين ولا يستهين أمام الطغاة والجبابرة والفسدة المستعلين في الأرض، وكيف لا يكون كذلك وهو من وقف مع تلة قليلة من المجاهدين في مواجهة جيوش الفرنسيس والصبليون مجتمعين ومعززين بالطيارين الأمريكان، في واحدة من أعظم الملاحم الأسطورية في القرن العشرين.
محمد بن عبدالكريم الخطابي هي الصورة الناصعة للمسلم المؤمن الذي لا يلين ولا يستهين أمام الطغاة والجبابرة والفسدة المستعلين في الأرض، وكيف لا يكون كذلك وهو من وقف مع تلة قليلة من المجاهدين في مواجهة جيوش الفرنسيس والصبليون مجتمعين ومعززين بالطيارين الأمريكان، في واحدة من أعظم الملاحم الأسطورية في القرن العشرين.
وعندما يقول هذا الرجل المتواضع قولته الشهيرة محدثا كل أمم العالم المضطهدة من طرف الإمبريالية: "لقد قتلنا الاستعمار في الريف وما على الشعوب إلا دفنه، وإذا لم تستطع فلا عزاء لها"، فإنه يعرف جيدا ما يقول، وإنني وأنا أكتب اليوم هذه الأسطر القلائل والقلم لا يكاد يفصح عن مكنوناته لجلال الموقف، فإنني أقف وقفة إجلال وإكبار أما الروح الطاهرة لهذا الرجل البطل الشهم الذي لم يستطع أحد على وجه الأرض شراءه، وتحدى ثلاث إمبرياليات استعمارية صليبية بكل ترساناتها من الأسلحة المدمرة والغازات السامة.
لم يقف تأثير حرب التحرير الريفية عند المغرب وحده، بل تجاوزه إلى جميع العالم الإسلامي بل وجميع البلاد المستعمرة، فقد كتب المقيم العام الفرنسي بالمغرب الماريشال 'ليوطي' إلى دولة الفرنسيس العنصرية في شهر أكتوبر من سنة 1924 يحذرها بأن العالم الإسلامي بأكمله يرقب الحرب الدائرة رحاها في منطقة الريف بين المقاومة الريفية الباسلة وجحافل الجيوش الصبليونية، وأن الثورة الريفية بما أبتدته من مقاومة وشدة بأس وصلابة ضد الاضطهاد والهمجية الإسبانية تهدد نفوذ كل الدول الإمبريالية ذات المصالح الاستعمارية في البلاد الإسلامية، فكل مصالح فرنسا مهددة في مجموع شمال أفريقيا بأكملها، والأمر كذلك بالنسبة لمصالح بريطانيا في كل الدول الإسلامية بدون استثناء بل حتى في الهند.
وافتخارا بثورة الريف التحريرية وقائدها البطل نُظمت الكثير من الأشعار في هذا الشأن خصوصا في العراق والكويت وفلسطين، وقد ألف رشدي الصالح من نابلس بفلسطين سنة 1924 سيرة الأمير محمد بن عبدالكريم الخطابي بطل الريف، وقد جاء في آخر مقدمة الكتاب: "إذا كانت الشعوب التي جاهدت لحفظ كيانها وقدمت أعظم الضحايا، فإن الشعب العربي في بلاد المغرب كان في طليعة تلك الشعوب التي خلدت صفحة مجيدة في تاريخها"، وكتب رجل الإسلام الكبير الأمير خالد شكيب أرسلان في تعليقه على كتاب حاضر العالم الإسلامي بحق محمد بن عبدالكريم الخطابي:"إذا نظر إليه الناس بعين الإنصاف يجدونه بطل العصر الحاضر بين جميع الأمم، لا بين المسلمين وحدهم"، وقد قام خالد شكيب أرسلان بمقارنة بين الأمير محمد بن عبدالكريم الخطابي وبين كل من المارشال 'فوش'1 والمارشال 'هندنبورغ'2 ومصطفى كمال أتاتورك، ولينين، ففضله عليهم أجمعين.
من الأقوال الخالدة لهذا البطل أسطورة الريف:
- لقد قتلنا الاستعمار في الريف وما على الشعوب إلا دفنه، وإذا لم تستطع فلا عزاء لها.
- لا أدري بأي منطق يستنكرون استعباد الفرد (يعني الغربيين)، ويستسيغون استعباد الشعوب.
- الحرية حق مشاع لبني الإنسان وغاصبها مجرم.
- ليس في قضية الحرية حل وسط.
- الحرب ضد الاستعمار وسيلة لتقارب الشعوب.
- فكر بهدوء واضرب بقوة.
- نحن في عصر يضيع فيه الحق إذا لم تسنده قوة.
- الاستعمار يموت بتحطيم أسواقه الاقتصادية، ويُدفن بسلاح المجاهدين.
- عدم الإحساس بالمسؤولية هو السبب في الفشل، فكل واحد ينتظر أن يبدأ غيره.
- قالوا إنهم جاؤوا لتمديننا، ولكن بالغازات السامة وبوسائل الفناء.
- سلاح المجاهدين هو الذي ينتزعونه من العدو لأنه ذو حدين: يقتلون به العدو ويحرمونه منه.
- انتصار الاستعمار ولو في أقصى الأرض هزيمة لنا، وانتصار الحرية في أي مكان هو انتصار لنا.
- الاستعمار وهم وخيال يتلاشى أمام عزيمة الرجال، لا أشباه الرجال.
- الكفاح الحقيقي هو الذي ينبثق من وجدان الشعب، لأنه لا يتوقف حتى النصر.
- الاستعمار ملة واحدة.
- السلاح الحقيقي لا يُستورد من هنا أو هناك، ولكن من هنا (يشير إلى العقل) ومن هنا (يشير إلى القلب).
- من لم يحمل السلاح ليدافع به عن نفسه، حمله ليدافع به عن غيره.
- ليس هناك نجاح أو فشل، انتصار أو هزيمة، بل شيء اسمه الواجب، وأنا قمت به قدر استطاعتي.
هوامش:
1 المارشال الفرنسي 'فرديناند فوش' هو قائد أعلى لجيوش الحلفاء إبان الحرب العالمية الأولى ضد ألمانيا سنة 1918
2 المارشال 'باول فون هندنبورغ' أشهر قادة ألمانيا العسكريين، شارك في عدة حروب منها الحرب النمساوية البروسية سنة 1866 والحرب الفرنسية البروسية سنتي 1870 و 1871، ثم أصبح بعد ذلك رئيسا لألمانيا في الفترة من 1925 إلى غاية وفاته سنة 1934 وخلفه هتلر.