ما الجدوى من حسن الخلق في زمن العهر والخنا

 "كُلُّ آمَالِي مَعْقُودَةٌ عَلَى أَنْ أَنْسَى النَّاسَ وَيَنْسَانِي النَّاسُ" عباس محمود العقاد
ما الجدوى من حسن الخلق في زمن العهر والخنا
حسن الخلق والتواضع مع أبناء الزنا والعواهر من لصوص المال العام والظلمة والمستبدين والفاسدين لم يعد لهما محل من الإعراب في زمن العهر والشذوذ والغدر هذا، وعلى المرء الشريف أن يعبأ أسلحته ويكون على أهبة الاستعداد وأصبعه على الزناد لمواجهة أولاد الحرام، ولعل  الشاعر العراقي خلدون جاويد، الثائر المناضل ضد الظلم والحكَرة، والمحلق وحيدا في الأعالي كالنسر الجريح الشموخ  في قصيدته الجد معبرة والمستمدة من واقع الحياة المعاش كان صادقا جدا لما قال:
إِذَا  لَمْ  تَكُنْ  ذِئْباً عَلَى الأَرْضِ أَجْرَدَا        كَثِيرَ  الأَذَى   بَالَتْ   عَلَيْكَ   الثَّعَالِبُ
وَإِنْ  لَمْ  تَكُنْ  نِسْرًا  عَلَى قِمَّةِ السَّمَا        عَلَيْكَ    جَرَابِيعُ    الْكُهُوفِ   تَكَالَبُوا
فَكُنْ  شَامِخاً  كَيْ  لاَ  تُدَاسَ بِأَرْجُلٍ        لِكَيْ   لاَ  تُوَارَى   بِالتُّرَابِ  الْكَوَاكِبُ
وَكُنْ    جَنَّةً    لِلْخُلْدِ   لَيْسَ   تَنَالُهَا        وَتَطْلُقُ    غِرْبَاناً    عَلَيْهَا     الْخَرَائِبُ
أَعِيذُكَ   مِنْ    دُنْيَا   غُرُورٌ   مَتَاعُهَا        بِهَا   حَاقِدٌ   يَسْتَافُ  مِنْكَ   وَكَاذِبُ
وَلاَ    تَتَقَرَّبْ   مِنْ   صِغَارٍ    بِرُفْقَةٍ        وَحَلِّقْ  كَصَقْرٍ  فِي الْفَضَا لاَ  يُصَاحَبُ
وَلاَ  تَبْدُ  فِي   الأَيَّامِ   هَيِّناَ   وَوَاهِيّاً        وَكُنْ   كُلَّ   حِينٍ  صَخْرَةً    تَتَصَالَبُ
وَمُتْ مِثْلَمَا الرُّهْبَانُ فِي دِيرِ صَمْتِهِمْ         فَأَجْمَلُ   مَا   فِي عَابِرِ الكَوْنِ   رَاهِبُ
وَأَطْبِقْ   شِفَاهاً  بِالنَّزِيفِ    حَبِيسَةً         فَبِالصَّمْتِ  لاَ  بِالسَّيْفِ  أَنْتَ مُحَارِبُ
وَأَبْهَى   ثَبَاتاً  أَنَّ  طَيْفَكَ    ذَاهِبُ         وَأَسْمَى  حُضُوراً  أَنَّ  وَجْهَكَ  غَائِبُ