بدائع من ديوان شاعر الزمان أبي الطيب المتنبي

بدائع من ديوان شاعر الزمان أبي الطيب المتنبي

يقول شاعر الزمان في هجوه لكافور الأخشيدي سيد مصر في زمانه ومكانه:
مِنْ أَيَّةِ الطُّرْقِ يَأْتِي مِثْلَكَ  الكَرَمُ        أَيْنَ الْمَحَاجِمُ يَا كَافُورُ    وَالْجَلَمُ
جَازَ الأُلَى مَلكَتْ كَفَّاكَ  قَدْرَهُمُ       فَعُرِّفُوا  بِكَ  أَنَّ  الْكَلْبَ    فَوْقَهُمُ
لاَشَيْءَ  أَقْبَحَ  مِنْ فَحْلٍ بِلاَ ذَكَرٍ       تَقُودُهُ   أَمَةٌ    لَيْسَ   لَهَا     رَحِمُ
سَادَاتُ  كُلُّ  أُنَاسٍ مِنْ نُفُوسِهِمُ       وَسَادَةُ   الْمُسْلِمينَ  الأَعْبُدُ   الْقَزَمُ
أَغَايَةُ الدِّينِ أَنْ تُحْفُوا  شَوَارِبَكُمْ       يَا أُمَّةً ضَحِكَتْ مِنْ  جَهْلِهَا  الأُمَمُ
أَلاَ  فَتًى  يُورِدُ  الْهِنْدِيَّ   هَامَتَهُ       كَيْمَا تَزُولَ  شُكُوكُ النَّاسِ   وَالتُّهَمُ
فَإنَّهُ  حُجّةٌ  يُؤْذِي  الْقُلُوبَ بِهَا       مَنْ  دِينُهُ  الدَّهْرُ  وَالتَّعْطِيلُ  وَالْقِدَمُ
مَا أَقْدَرَ  الَّلهَ  أنْ يُخْزِي خَلِيقَتَهُ       وَلاَ  يُصَدِّقَ  قَوْماً فِي الَّذِي زَعَمُوا

ثم يضيفه مكرمة ثانية: 
أمَا   فِي   هَذِهِ   الدُّنْيَا   كَرِيمُ      تَزُولُ  بِهِ  عنِ  القَلبِ  الْهُمومُ
أمَا   فِي   هَذِهِ  الدُّنْيَا   مَكَانٌ      يُسَرُّ    بِأَهْلِهِ   الْجَارُ   الْمُقِيمُ
تَشَابَهَتِ    الْبَهَائِمُ   وَالعِبِدّى      عَلَيْنَا     وَالْمَوَالِي    وَالصَّمِيمُ
وَمَا  أَدْرِي  إِذَا   دَاءٌ  حَدِيثٌ      أَصَابَ   النَّاسَ   أَمْ  دَاءٌ   قَدِيمُ
حَصَلْتُ   بِأَرْضِ  مِصْرَ  عَلَى   عَبِيدٍ  كَأَنَّ   الْحُرَّ   بَينَهُمْ    يَتِيمُ
كَأنّ  ا لأسْوَدَ   اللابيّ   فيهِمْ      غُرَابٌ   حَوْلَهُ   رَخَمٌ    وَبُومُ
أخَذْتُ  بِمَدْحِهِ  فَرَأيْتُ  لَهْواً     مَقَالِيَ    لِلأُحَيْمِقِ   يا   حَليمُ
وَلَـمَّا أَنْ هَجَوْتُ رَأيْتُ عِيّاً      مَقَالِيَ   لابْنِ   آوَى  يَا   لَئِيمُ 
فَهَلْ  مِنْ عَاذِرٍ فِي ذَا وَفِي ذَا      فَمَدْفُوعٌ  إِلَى  السَّقَمِ  السَّقِيمُ
إِذَا  أَتَتِ الإِسَاءَةُ  مِنْ وَضِيعٍ      وَلَمْ  أَلُمِ  الْمُسِيءَ  فَمَنْ   أَلُومُ
فمكرمة ثالثة ابيض لها وجه كافور: 
مَاذَا   لَقِيتُ  مِنَ   الدُّنْيَا  وَأَعْجَبُهَا      إِنِّي  بِمَا   أَنَا  بَاكٍ  مِنْهُ   مَحْسُودُ
جُودُ الرِّجَالِ مِنَ الأَيْدِي وَجُودُهُمُ       مِنَ  اللِّسَانِ  فَلاَ  كَانُوا وَلاَ الْجُودُ
مِنْ  كُلِّ  رَخْوِ  وِكاءِ البَطْنِ مُنْفَتِقٍ      لاَ فِي الرِّجَالِ وَلاَ النِّسْوَانِ  مَعْدُودُ
صَارَ  الْخَصِيُّ   إِمَامَ  الآبِقينَ  بِهَا       فَالْحُرُّ    مُستَعْبَدٌ   وَالْعَبْدُ   مَعْبُودُ
الْعَبْدُ   لَيْسَ   لِحُرٍّ   صَالِحٍ   بِأَخٍ       لَوْ   أَنَّهُ   فِي  ثِيَابِ  الْحُرِّ  مَوْلُودُ
لاَ تَشْتَرِ  الْعَبْدَ   إِلاَّ  وَالْعَصَا  مَعَهُ       إنَّ     الْعَبِيدَ    لَأَنْجَاسٌ    مَنَاكِيدُ
مَا كُنْتُ  أَحْسِبُنِي  أَبْقَى إِلَى زَمَنٍ       يُسِيءُ بِي  فِيهِ كَلْبٌ وَهْوَ مَحْمُودُ
إنَّ   امْرُءاً   أَمَةٌ    حُبْلَى   تُدَبِّرُهُ       لَمُسْتَضَامٌ   سَخِينُ   العَيْنُ  مَفْؤُودُ
مَنْ عَلَّمَ الأَسْوَدَ الْمَخْصِيَّ مَكْرُمَةً       أَقَوْمُهُ   الْبِيضُ   أَمْ  آبَاؤُهُ   الصّيدُ
أَمْ   أُذْنُهُ  فِي  يَدِ  النَّخَّاسِ  دَامِيَةً       أَمْ  قَدَرُهُ  وَهْوَ  بالْفَلْسَيْنِ   مَرْدُودُ
وَذَاكَ  أَنَّ الفُحُولَ  الْبِيضَ عَاجِزَةٌ       عَنِ  الْجَمِيلِ فَكَيْفَ الْخِصْيَةُ السُّودُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق