معركة بوكافر الشرارة التي أضرمت نيرانا أحرقت أقدام الفرنسيس

 "من المستحيل استعباد أي إنسان إلا إذا تم تجريده من إنسانيته وكرامته" المدون
معركة بوغافر الشرارة التي أضرمت نيرانا أحرقت أقدام الفرنسيس
حلت يوم 13 فبراير 2021 الذكرى الثامنة والثمانون (1933-2021) لمعركة بوكافر التاريخية، ولا يمكن لأي مغربي حر أصيل في خضم الحديث عن هذه الملحمة التاريخية من أجل العزة والكرامة أن يذكر معركة بوكافر بمنطقة أيت عطا جنوب المغرب، دون أن يقرنها بالمقاوم البطل عسو أوبسلام رحمه الله ومن معه من الرجال الأحرار الصناديد رحمهم الله جميعا، والواقع أن هذه المعركة كانت في حقيقة أمرها ثورة بكل ما في الكلمة من معنى للمغاربة الأحرار ضد الحكَرة والإهانة المتمثلتين في استخدام المغاربة كسخرة وعبيد من طرف الخونة من المغاربة وعلى رأسهم عميل وخادم الاحتلال الفرنساوي التهامي الكَلاوي المستقوي والمستعلي في الأرض بالمحتلين العنصريين الفرنسيس  بقيادة رأس حربتهم الجنرال ليوطي، الذي أطلق أيدي هذا العميل في الجنوب المغربي، وسمح له باستغلاله حسب هواه أبشع استغلال شريطة أن يـُخْضِعَهُ ويَضْمَنَ ما يُسمى بالأمن داخله.
فمنذ سنة 1913 تمكن الفرنسيس بمساندة الموالين لهم من المغاربة الخونة من بسط سيطرتهم على عدد من المناطق التابعة لأيت عطا، ولم يكن ليتسير لهم ذلك بسهولة لولا الدعم اللامحدود واللامشروط من طرف الخونة من كبار القياد المغاربة وعلى رأسهم  في المنطقة الجنوبية التهامي الكَلاوي، الذي قام هو نفسه وبإيعاز وتشجيع من الفرنسيس بتنظيم هجومين  على شمال أيت عطا سنتي 1916 و 1918.
ولما استتب لهم الأمر ببعض المناطق ظن هؤلاء العلوج أن الأمور مسيطر عليها، وأن الناس قد تم إخضاعهم وتم تدجينهم، فبدأوا  يستعبدون المغاربة من الرجال ويحتقرونهم ويعاملونهم معاملة العبيد والسخرة، وزاد هؤلاء الزنادقة من الطواغيت الطينة بلة لما تمادوا في إهانة المغاربة باستدعاء النساء قصرا للغناء في الحفلات الرسمية الماجنة  التي يقيمها هؤلاء المنحرفون، فكانت تلكم هي الشرارة التي انطلقت منها ثورة المقاوم البطل عسو أوبسلام لتشعل نيران الجحيم في أوكار الانحراف والخبث التي بدأ المحتلون العنصريون من الفرنسيس وحلفائهم من الخونة في تشييدهما داخل المجتمع المغربي لإذلاله وإخضاعه، وكذلك يفعل جميع المحتلين في كل زمان ومكان.   
كان الفرنسيس منذ وطأت أقدامهم النجسة أرض المغرب  يطمحون  في السيطرة على جميع مناطق البلاد، فتقدمت جحافلهم متوغلة في الجنوب الشرقي المغربي باتجاه منطقة صغرو من أجل إخضاع قبائل أيت عطا المجاهدة، التي كانت بحق شوكة مستعصية في حلق المحتلين، وشكلت سدا منيعا أمام أهدافهم الإمبريالية التوسعية، فشن الفرنسيس يوم 13 فبراير سنة  1933  هجوما كبيرا على المجاهدين بقوة كبيرة جدا، فلجأ المقاومون إلى قمة  بوكافر بجبل صغرو لأهميتها الاستراتيجية ومناعتها وحصانتها، واستمرت المعركة شهرا و12 يوما من 13 فبراير إلى 25 مارس 1933، وبالرغم من التفوق العسكري الكاسح قوة وعدة وعتادا لقوات الفرنسيس، لم يستطع الغزاة التقدم إلى الأمام وشق صفوف المقاومين الذين أبدوا بسالة وشراسة في المعارك، فتقهقرت قوات المحتلين وعادوا إلى الخلف خائبين يجرون ذيول الهزيمة، مما اضطر الجنرال 'هوري' القائد العام لقوات الفرنسيس٬ إلى استدعاء الجنرالين 'كاترو' و'جيرو'، وتولى هو بنفسه إدارة العمليات على أرض المعركة، من خلال قصف المدفعية وقصف الطيران المكثف لمواقع المجاهدين من 21 إلى 24 فبراير 1933 دون توقف في محاولة منه لإرغام المجاهدين للخضوع للأمر الواقع  والاستسلام.
وأمام الاستماتة القوية للمقاومين وعزمهم الراسخ على القتال، اشتد حصار الفرنسيس بعد أن أغلق كل الممرات، غير أن كل ذلك لم ينل من عزيمة المقاومين، بل لم يزدهم ذلك  إلا صلابة وثباتا في الدفاع عن العزة والكرامة المغربية، وأمام الفشل الذريع للفرنسيس لكسرة شوكة المقاومة المغربية عمدوا إلى سياسة الأرض المحروقة للمداشر والدواوير لتجويع المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ، واستمر هذا الحصار الخانق مدة 22 يوما، نتج عنه عدد كبير من الوفيات في صفوف المدنيين العزل من الأطفال والشيوخ، واستمرت الوضعية تتفاقم يوما بعد آخر إلى أن قرر المحتلون الفرنسيس في الأخير الدخول في مفاوضات مع القبائل الثائرة في 24 مارس 1933، فتم التوقيع على اتفاقية بين الطرفين عرفت تاريخيا باسم 'سلم الشجعان'، أهم ما جاء فيها: 
-الدخول تحت سلطة المخزن المغربي، 
-إنهاء سلطة الخائن الكَلاوي على أراضي أيت عطا، 
-عدم نزع أسلحة المقاومين، 
-إلغاء بشكل كلي ونهائي تشغيل السكان في أعمال السخرة والعبودية، 
-كف الفرنسيس نهائيا عن الإهانة باستدعاء النساء للغناء في الحفلات الرسمية.
كان لهذه المعركة أثر طيب في رفع معنويات المقاومة المغربية، نظرا للخسائر الكبير والمذلة التي تكبدتها جحافل جيش الفرنسيس في مواجهة مجموعة قليلة من الرجال لم يكونوا يملكون لا دبابات ولا مدفعية ولا طائرات، بالرغم من التفوق العسكري الكبير جدا عدة وعتادا لقوات المحتلين، وقد فقد الفرنسيس  خلال هذه المعارك 3500 عسكري من خيرة ضباطها وجنودها وعلى رأسهم القبطان 'هنري ديليسبيناس دو بورنازيل'، إضافة إلى ما لا يقل عن  عشرة ضباط كبار آخرين، في حين بلغ عدد شهداء الواجب من المجاهدين المغاربة 1300 شهيد، وبلغ عدد الشهداء من المدنيين العزل نتيجة الحصار الخانق وسياسة الأرض المحروقة التي اتبعتها قوات الفرنسيس الجبانة المجرمة 4000 مدني أغلبهم من الأطفال والشيوخ والنساء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق