كيف غزا الأغبياء العالم

"هناك الكثير من الأغبياء في هذا العالم، يجب التعود على ذلك" الروائية الكندية ماري كلير بليس
كيف غزا الأغبياء العالم
كان عدد الأغبياء فيما مضى من الأزمان حول العالم محدودا، عكس ما هو عليه الحال اليوم، لدرجة أن الغباء أصبح الموضة والسمة المشتركة لسكان الكرة الأرضية، لسبب بسيط هو أن الناس قديما عندما كان يتم ضبط غبي بينهم كانوا يقومون بطرده ونفيه خارج القرية حتى لا ينشر وباءه داخلها ويترك تريكته من بعده تعيث فيها غباء، أما اليوم فلم يعد من الممكن طرد ونفي تسعة أعشار سكان الكرة الأرضية لاستحالة ذلك، ولكن كيف وصل العالم اليوم إلى هذا العدد الضخم من الأغبياء؟
كان يا ما كان في غابر الأزمان والعصر والأوان ثلاثة أغبياء التقوا على مفترق طرق بعد طردهم من القرية، فتساءلوا مع أنفسهم أليس من الممكن أن نقوم بشيء مفيد لهذا العالم من خلال اتحاد غباء ثلاثة رؤوس غبية، وبعد فترة من المشي على طريق مقفر وجدوا أنفسهم أمام كوخ من القش يقف بجانبه شيخ عجوز، "إلى أين أنتم ذاهبون" قال العجوز، فرد الأغبياء في نفس الوقت: "إلى المكان الذي تحملنا إليه أرجلنا، لقد تم طردنا من القرية لغبائنا"، فرد العجوز: «ادخلوا، سوف أختبر ذكاءكم وأضعه على المحك"، وكان لذى العجوز ثلاث بنات جميلات غير أنهن أيضا على درجة عالية من الغباء لا يحسدن عليها، وفي صباح اليوم التالي كلف العجوز الغبي الأول بصيد السمك، والغبي الثاني بالذهاب إلى الغابة لصناعة حبال، والغبي الثالث بأن يجني فاكهة جوز الهند، فأخذ الأغبياء الثلاث ما يلزمهم من عتاد واتجه كل واحد منهم باتجاه الوجهة التي حددها له العجوز.
 توقف الغبي الأول بالقرب من بركة وبدأ باصطياد السمك، وما إن امتلأت جرته سمكا حتى شعر بالعطش، فرمى بالسمك في البركة ورجع مهرولا نحو الكوخ، فسأله العجوز: "أين السمك؟"، فرد الغبي: "لقد رميته في البركة لما شعرت بالعطش، وعدت كي أملأ الجرة بالماء"، فاستشاط العجوز غضبا: "ألم يكن من الممكن أن تشرب من البركة؟"، رد الغبي:"آه..لم يخطر ذلك على بالي"، خلال ذلك كان الغبي الثاني قد قام بفتل مجموعة من الحبال ويستعد للعودة، غير أنه لاحظ في آخر لحظة عدم توفره على حبل لربطها جميعها، فتركها وعاد مهرولا نحو الكوخ  للبحث عن حبل، فاشتد غضب العجوز لما رأى الغبي الثاني يعود إلى المنزل صفر اليدين: "لماذا لم تربط الحبال بأحدها؟"، أجاب الغبي الثاني:"آه..لم يخطر ذلك على بالي"، وخلال ذلك كان الغبي الثالث قد تسلق شجرة جوز الهند وحمل عصاه وهو يحدثها:" أنظري سوف ترمين بجوز الهند هذا على الأرض.. هل فهمت؟"، ثم نزل وبدأ يقذف من الأسفل بعصاه التي لم تصب أي فاكهة، ثم عاد إلى الكوخ خاوي الوفاض، فزاد غضب العجوز حدة وحدثه قائلا: "لما كنت متسلقا الشجرة لماذا لم تستعمل يدك لقطف فاكهة جوز الهند؟"، رد الغبي الثالث:"آه..لم يخطر ذلك على بالي".
ولما أدرك العجوز أنه يضيع وقته ولن يصل إلى شيء مذكور مع هؤلاء الأغبياء أعطاهم بناته الثلاث وطردهم جميعا، فساح هؤلاء حتى حطوا الرحال بمكان بعيد فبنوا به كوخا وعاشوا على قدر المستطاع، وأنجبوا أطفالا لا يقلون عن آبائهم وأمهاتهم غباء، ومنذ ذلك الوقت بدأت الأكواخ تتكاثر في كل مكان، ثم سرعان ما انتشر الأغبياء حول العالم كانتشار النار في الهشيم، وأصبحوا في كل ركن من الكرة الأرضية يتناسلون.