مختارات من روائع أحمد مطر

مختارات من روائع أحمد مطر
أحمد مطر إبن البصرة بالعراق وصاحب القلم الثائر المشاكس الرافض للظلم والقهر والاستبداد، كانت كتاباته وآراءه سببا مباشرا في  مغادرته وطنه الأم واستقراره بالكويت فترة من الزمن كوقت استراحة المحارب الذي لا يلين ، حيث التقى هناك  بناجي العلي رسام الكاريكاتير الفلسطيني صاحب الريشة النقذية اللاذعة وصاحب الأربعين ألف رسم كاريكاتوري الذي تم اغتياله غدرا في قلب العاصمة لندن في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، فبقي إبنه حنظلة رغم يتمه رافضا للظلم والقهر والاستبداد ورمزا للصمود والتحدي وشاهدا عيانا في نفس الوقت على مآسي الوطن العربي.
كانت روحي أحمد مطر وناجي العلي توأمين أحدها يكمل الآخر، فما كان يخطه أحمد مطر بالكلمات كان يجسده ناجي العلي صورا ناطقة، وتجلى ذلك بوضوح إبان اشتغالهما معا بجريدة القبس الكويتية قبل أن يضيق هي الأخرى صدرها وصدر باقي الأنظمة العربية بالمشرق العربي بصدق كلمة الرجلين وصراحة لهجتها وحدتها، وما لبث أن صدرت الأوامر بإسماعهما أنهما لم يعد مرغوبا فيهما، فشدا الرحال بعيدا عن العربان واستقر بهما المطاف في الأخير بمدينة الضباب لندن، لكن دوام الحال من المحال، إذ ما لبثت أن اختطفت يد المنون أخاه وصديقه وزميله ناجي العلي غدرا بواسطة قتلة مستأجرين، وبقي أحمد مطر وحيدا مناضلا بفكره وقلمه رغم المرض وجحود بني جلدته، وفيا للقسم الذي قطعه على نفسه في صياغته للقصيدة الرافضة المعتمدة على استعارة تقنية اللافتات، غير أن هذه القصيدة مثلها مثل قنابل المولوتوف تبدو سهلة التركيب إلا أنها شديدة الانفجار: 
*يسقط الوطن..أبي الوطن..أمي الوطن..رائدنا حب الوطن..نموت كي يحيا الوطن..يا سيدي انفلقت حتى لم يعد للفلق في رأسي وطن..ولم يعد لَدَى الوطن..من وطن يأويه في هذا الوطن..أي وطن؟..الوطن الـمَنْفِي..أم الوطن؟!..أم الرَّهِينُ الْمُمْتَهَنْ؟..أم سجننا المسجون خارج الزمن ؟!..نموت كي يحيا الوطن..كيف يموت مَيِّتٌ ؟..وكيف يحيا من انْدَفَنْ ؟!..نموت كي يحيا الوطن..كلا .. سلمت للوطن !..خذه .. واعطني به صوتاً أسميه الوطن..ثقباً بلا شمع أسميه الوطن..قطرة إحساس أسميها الوطن..كسرة تفكير بلا خوف أسميها الوطن..يا سيدي خذه بلا شيء..فقط..خلصني من هذا الوطن..أبي الوطن..أمي الوطن..أنت يَتِيمٌ أَبْشَعَ اليُتْمِ إِذَنْ..أبي الوطن..أمي الوطن..لا أمك احْتَوَتْكَ بالحِضْنِ..ولا أبوك حَنّْ!..أبي الوطن..أمي الوطن..أَبُوكَ مَلْعُونٌ..وَمَلْعُونٌ أَبُو هَذَا الوَطَنْ!..نموت كي يحيا الوطن..يحيا لمن؟..لابن زِنَا..يَهْتِكُهُ .. ثم يُقَاضِيهِ الثَّمَنْ ؟!..لمن؟..لاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ وَبَاءً مُزْمِناً..لمن؟..لاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ لَقِيطاً..يَتَّهِمُونَ اللهَ بِالكُفْرِ وَإِشْعَالِ الْفِتَنْ..ويختمون بيته بالشمع..حتى يَرْعَوِي عن غَيِّهِ..ويطلب الغُفْرَانَ مِنْ عِنْدِ الْوَثَنْ؟!..اتْفُو على هذا الوطن!..وأَلْفُ اتْفُو مَرَّة أخرى!..على هذا الوطن..من بعدنا يبقى التراب والعفن..نحن الوطن !..من بعدنا تبقى الدَّوَابُّ والدِّمَنْ..نحن الوطن !..إن لم يكن بنا كريماً آمناً..ولم يكن محترماً..ولم يكن حُرّاً..فلا عشنا.. ولا عاش الوطن!
*دائِرةٌ ضَيِّقَةٌ..وهارِبٌ مُدانْ ..أمامَهُ وَخلْفَهُ يركضُ مُخبِرانْ ..هذا هُوَ الزّمانْ !
*صباح هذا اليوم أيقظني منبه الساعة، وقال لي : يابن العرب قد حان وقت النوم !
*رأيت جرذاً يخطب اليوم عن النظافة، وينذر الأوساخ بالعقاب، وحوله يصفق الذباب !
*قالَ أبي :في أيِّ قُطر ٍ عربي.. إن أعلنَ الذكيُ عن ذكائهِ فهو غبي!
*عرب ولكن لو نزعت جلودهم لوجدت أن اللب أمريكان.
*الفئة الوحيدة التي تتمتع بحرية النشر في الوطن العربي هي فئة النجارين.
*الفرد في بلادنا..مواطن أو سلطان..ليس لدينا إنسان.
*في الجاهلية كانت الأصنام  تمر .. وإن جاع العباد، فلهم من جثة المعبود زاد .. أما الآن صارت الأصنام  تعبد الله وتأكل العباد وخيرات البلاد.
*الْمُذيعون خِرافٌ .. و الإذاعاتُ خُرافةٌ .. و عقولُ الْمُستَنيرينَ صناديقُ صِرافَةٍ .. كَيْفَ تَأْتِينَا النَّظَافَةُ؟
*يا صديقي أنا ممنوعٌ من التفكير حتى في التمني .. أنا لو أعْصِرُ ذِهْنِي تَعْصِرُ الدولة دُهْنِي !
*هذا يذبح بالتوراة  وذلك يذبح بالإنجيل وهذا يذبح بالقرآن .. لا ذنب لكل الأديان الذنب بطبع الإنسان.
*يقال إن أقصر قصة كتبها إنسان هي التالية:  رجل ولد وعاش ومات،  وأنا أعتقد أن سيرتي، شأن أي مواطن آخر في أوطاننا الجميلة،  يمكن أن تُروى على النسق نفسه، بشيء من التطويل، لتكون كالتالي: رجل ولد ولم يعش ومع ذلك سيموت.
*الأسى آسٍ لما نلقاه والحزن حزين .. نزرع الأرض ونغفو جائعين .. نحمل الماء ونبقى ظامئين ..نُخرِجُ النفط ولا دفء ولا ضوء لنا إلا شرارات الأماني ومصابيح اليقين .. وأمير المؤمنين منصف في قسمة المال فنصف لجواريه ونصف لذويه الجائرين .. وابنه وهو جنين يتقاضى راتبا أكبر من راتب أهلي أجمعين في مدى عشر سنين.
*قلت للحاكم: هل أنت الذي أنجبتنا؟ قال: لا لستُ أنا.. قلت هل صيّرك الله إلها فوقنا؟ قال :حاشا ربّنا.. قلت: هل نحن طلبنا منك أن تحكمنا؟ قال :كلا.. قلت: هل كانت لنا عشرة  أوطان وفيها وطن مستعمل زاد عن حاجتنا فوهبنا لك هذا الوطنا؟ قال: لم يحدث ولا أحسب هذا ممكنا.. قلت :هل أقرضتنا شيئاً على أن تخسف الأرض بنا إن لم نسدّد ديننا؟ قال: كلاَّ..  قلت: ما دمت إذن لستَ إلهاً أو أباً أو حاكماً منتخباً أو دائناً فلماذا لم تزل يا ابن الكذا تركبنا؟ وانتهى الحلم هنا.. أيقظتني طرقات فوق بابي: افتح لنا يا ابن الزنا.. افتح الباب لنا إن في بيتك حلما خائنا.
*رَأَتِ الدول الكبرى تَبْدِيلَ الأدوار فَأَقَرَّتْ إِعْفَاءَ الوالي واقترحت تَعْيِينَ حمار.. ولدى توقيع الإقرار نهقت كل حمير الدنيا باستنكار: نحن حمير الدنيا نرفض أن نُتعب..أو أن نُركب أو أن نُضرب أو حتى أن نُصلب..لكن نرفض في إصرار أن نَغْدُوَ خَدَماً للاستعمار..إن حُمُوريَِّتَنَا تَأْبَى أن يَلْحَقَنا هذا العار.
* قلت للمفتي: كأن الشاي في قنينة الوالي نبيذ؟.. قال: هذا ماء زمزم.. قلت: والأنثى التيي....؟ قال: 'مَسَّاجْ'.. قلت: ماذا عن جهنم؟.. قال: هذا ليس فسقا.. إنما.. والله أعلم.. هو للوالي علاج.
* اسمعوني: عندما تزدهر الأشواك.. والأزهار تذبل.. ويصير اللص ناطورا لبيت المال.. والمال على رايته الخضراء.. في الماخور يُبْذَلُ.. عندما تمتلك الأوثان بيت الله.. والشيطان يُفتي هيئة الفتوى.. والقرآن يُفصل.. عندما تحتسب العفة جرما.. ويد المأبون والزاني تُقَبَّلُ.. ألف شكر للذي يقتلني.. فالموت أفضل. 
*كيف يكون النسر شعارا لشعوب مثل البطريق؟ لا تعرف ما معنى السير ولا تعرف معنى التحليق..وعلى سوط الذلة تغفو وعلى صوت الخوف تفيق..سنرى أن الصدق صدوق ونرى أن الحق حقيق..حين نرى راية أمتنا تخفق في ريح بلاهتها وعليها صورة إبريق.
*ربما الماء يروب..ربما الزيت يذوب..ربما يُحْمَلُ ماء في ثقوب، ربما الزاني يثوب، ربما تطلع شمس الضحى من صوب الغروب، ربما يبرأ شيطان، فيعفو عنه غَفَّارُ الذنوب، إنما لا يبرأ الحكام في كل بلاد العرب من ذنب الشعوب.
*إن امتيازنا الوحيد هو أننا شعب بإمكان أي مواطن فيه أن يُكَفِّرَ جميع المواطنين ويحجز الجنة التي عرضها السماوات والأرض له وحده.
*بعدما طارده الكلب وأضناه التعب..وقف القط على الحائط مفتول الشَّنَبْ..قال للفأرة أجدادي أُسُودٌ..قالت الفأرة: هل أنتم عَرَبْ؟
*صِحْتُ من قَسْوةِ حالي: فوق نَعْلِي كُلُّ أصحابُ الْمَعَالي! قيلَ لي: عَيْبٌ فكَرَّرتُ مقالي..قيلَ لي: عَيْبٌ وَكَرَّرتُ مقالي..ثم لما قيلَ لي: عَيْبٌ..تَنَبَّهْتُ إلى سوء عباراتي وخَفَّفْتُ انْفِعَالِي..ثم قَدَّمْتُ اعْتِذَاراً..لِنِعَالِي.
*وجوهكم أقنعة بالغة المرونة..طلؤها حصافة وقعرها رعونة..صَفَّقَ إبليس لها مندهشا وباعكم فنونه..وقال لي: إني راحل، ما عاد لي دور هنا..دوري أنا أنتم ستلعبونه.
*كنا أسيادا في الغابة..قَطَّعُونَا من جذورنا..قَيَّدُونَا بالحديد ثم أوقفونا خَدَماً على أعتابهم..هذا هو حظنا من التمدن..ليس في الدنيا من يفهم حرقة العبيد مثل الأبواب.
*جحا شاهد بئرا مرة، فظنها منارة مقلوبة! أكان عمنا جحا شخصا غبيا يا تُرى ! أم أنه كان يرى مستقبل العروبة!؟
*تقسمت الأرزاق على النحو التالي: لأمريكا حق النقض ولإسرائيل حق الانقضاض وللعرب المسلمين حق الأنقاض.
*أود أن أدعو على الطغيان بالنقمة، لكنني أخاف أن يقبل ربي دعوتي فتَهْلَكَ الأمة!
*لماذا أضحك؟ والمشردون ما زالوا يموتون من البرد وفوق جثثهم تمتد أنابيب البترول العربي لتوفر الدفئ لأمريكا وأوروبا.
*كُنتُ في ( الرّحِمِ ) حزيناً ..دونَ أنْ أعرِفَ للأحزانِ أدنى سَبَبٍ! ..لم أكُنْ أعرِفُ جنسيّةَ أُمِّي ..لَمْ أكُنْ أعرِفُ ما دينُ أبي.. لمْ أكُنْ أعرِفُ أنّي عَرَبي! آهٍ .. لو كُنتُ على عِلْمٍ بأمري ..كُنتُ قَطَّعتُ بِنفسي (حَبْلَ سِرِّي)..كُنْتُ نَفَّسْتُ بِنفسي وبِأُمّي غَضَبي ..خَوفَ أنْ تَمخُضَ بي ..خَوْفَ أنْ تَقْذِفَ بي في الوَطَنِ الْمُغْتَرِبِ ..خَوْفَ أنْ تَحْبَل مِن بَعْدي بِغَيْري ..ثُمّ يغدو-دونَ ذَنْبٍ–عَرَبيّاً .. في بِلادِ العَرَبِ!
*ترَكَ اللّصُّ لنا ملحوظَةً ..فَوقَ الحَصِيرْ ..جاءَ فيها : لَعَنَ اللّهُ الأَمِيرْ..لَمْ يَدَعْ شيئاً لنا نَسْرِقَهُ .. إلاَّ الشَّخِيرْ!
*قرأت في القرآن ..تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبْ ..فأعلنت وسائل الإذعان ..أن السكوت من ذهبْ ..وصُودِرَ القرآن لأنه حَرَّضَنِي ..على الشَّغَبْ.
*أُعْلِنَ الإضراب في دور البغاء.. البغايا قلن: لم يبق لنا من شرف المهنة.. إلا الادعاء! ..إننا مهما اتسعنا ..ضاق باب الرزق ..من زحمة فسق الشركاء ..أبغايا نحن؟! ..كلا.. أصبحت مهنتنا أكل هواء ..وكان العهر مقصورا ..على جنس النساء ..ما الذي نصنعه؟ ..ما عاد في الدنيا حياء! ..كلما جئنا لمبغى ..فتح الأوغاد في جانبه مبغى ..وسموه: اتحاد الأدباء!
*فوجئت بالسؤالْ ..أوشكت أن أكشف عن عروبتي..لكنني خجلت أن يُقالْ ..بأنني من وطن تَسُومُهُ البغالْ ..قررت أن أحتالْ ..قلت بلا تردد: أنا من الأدغالْ ..حدق بي  منذهلاً ..وصاح بانفعالْ: حقا من الأدغالْ؟!..قلت: نعم ..فقال لي: ..من عرب الجنوب.. أم من عرب الشمالْ؟!
*كفرتُ بالأقلامِ والدفاتِرْ.. كفرتُ بالفُصحى التي تحبلُ وهيَ عاقِرْ.. كَفَرتُ بالشِّعرِ الذي لا يُوقِفُ الظُّلمَ ولا يُحرِّكُ الضمائرْ.. لَعَنتُ كُلَّ كِلْمَةٍ لمْ تنطَلِقْ من بعدها مسيرهْ ولمْ يخُطِّ الشعبُ في آثارِها مَصيرهْ.. لعنتُ كُلَّ شاعِرْ ينامُ فوقَ الجُمَلِ النّديّةِ الوثيرةْ وَشعبُهُ ينامُ في المَقابِرْ.. لعنتُ كلّ شاعِرْ يستلهِمُ الدّمعةَ خمراً والأسى صَبابَةً والموتَ قُشْعَريرةْ.. لعنتُ كلّ شاعِرْ يُغازِلُ الشّفاهَ والأثداءَ والضفائِرْ في زمَنِ الكلابِ والقِحابِ والمخافِرْ ولا يرى فوهَةَ بُندُقيّةٍ حينَ يرى الشِّفاهَ مُستَجِيرةْ !.. ولا يرى رُمّانةً ناسِفةً حينَ يرى الأثداءَ مُستديرَةْ!..  ولا يرى مِشنَقَةً حينَ يرى الضّفيرةْ!.. في زمَنِ الآتينَ للحُكمِ على دبّابةٍ أجيرهْ أو ناقَةِ العشيرةْ لعنتُ كلّ شاعِرٍ لا يقتنى قنبلةً كي يكتُبَ القصيدَةَ الأخيرةْ!
*قُوتُ عِيالِنا هُنا يُهدِرُهُ جلالةُ الحِمارْ في صالةِ القِمارْ.. وكُلُّ حقّهِ بهِ أنَّ بَعِيرَ جَدِّهِ قَدْ مَرّ قبلَ غيرِهِ بِهذِهِ الآبارْ !.. يا شُرَفاءُ هذهِ الآرضُ لَنا.. الزّرعُ فوقَها لَنا والنِّفطُ تحتَها لَنا وكُلُّ ما فيها بماضيها وآتيها لنا.. فما لَنا في البرْدِ لا نَلبسُ إلاّ عُرْيَنا ؟.. وما لَنا في الجوعِ لا نأكُلُ إلاَّ جوعَنا ؟..  وما لَنا نغرقُ وَسْطَ القارْ في هذهِ الآبارْ لكي نصوغَ فقرَنا دِفئاً، وزاداً، وغِنى مِنْ أجْلِ أولادِ الزّنى؟
*نحنُ من أيّة مِلّهْ ؟! ..ظِلُّنا يقْتَلِعُ الشَّمْسَ .. ولا يَامَنُ ظِلّهْ ! ..دَمُنَا يَخْتَرِقُ السَّيْفَ ..ولَكِنَّا أذِلَّهْ !.. بَعْضُنا يَخْتَصِرُ العَالَمَ كُلَّهْ ..غيرَ أنّا لو تَجَمَّعْنا جميعاً ..لَغَدَوْنا بِجِوارِ الصِّفرِ قِلَّهْ! ..نحنُ مِنْ أَيْنَ؟ ..إلى أَيْنَ؟.. ومَاذا؟ ولِماذا؟.. نُظُمٌ مُحتَلَّةٌ حتَّى قَفَاهَا ..وَشُعُوبٌ عَنْ دِمَاهَا مُسْتَقِلَّهْ! ..وجُيُوشٌ بالأَعَادِي مُسْتَظِلَّهْ.. وبِلادٌ تُضْحِكُ الدَّمْعَ وأَهْلَهْ: دولَةٌ مِنْ دَوْلَتينْ ..دَوْلَةٌ ما بَيْنَ بَيْنْ ..دَولَةٌ مَرْهُونَةٌ، والْعَرْشُ دَيْنْ..دولَةٌ ليسَتْ سِوَى بئرٍ ونَخْلَهْ.. دولَةٌ أصغَرُ مِنْ عَوْرَةِ نَمْلَهْ.. دولَةٌ تَسقُطُ في البَحْرِ.. إذا ما حَرَّكَ الحَاكِمُ رِجْلَهْ !.. دولةٌ دُونَ رَئِيسٍ .. ورئيسٌ دُونَ دَوْلَهْ!..نحْنُ لُغْزٌ مُعْجِزٌ لا تَسْتطِيعُ الجِنُّ حَلَّهْ ..كائِناتٌ دُونَ كَوْنٍ ..ووجودٌ دُونَ عِلَّهْ ..ومِثَالٌ لَمْ يَرَ التّاريخُ مِثْلَهْ..لَمْ يَرَ التَّاريخُ مِثْلَهْ!
*أَمْرِيكَا تُطْلِقُ الكَلْبَ عَلَيْنَا ..وبها مِن كَلْبِهَا نَسْتَنْجِدُ! ..أَمْرِيكَا تُطْلِقُ النَّارَ لِتُنْجِينَا مِنَ الكَلْبِ ..فَينْجُو كَلْبُهَا..لكِنَّنا نُسْتَشُهَدُ.. أَمْرِيكَا تُبْعِدُ الكَلْبَ.. ولكنْ بدلاً مِنهُ عَليْنا تَقْعُدُ! ..أَمْرِيكَا يَدُها عُلْيَا ..لِأَنَّا مَا بِأَيْدِينَا يَدُ ..زَرَعَ الجُبْنُ لها فينا عَبِيدٌ ..ثُمَّ لَمَّا نَضِجَ الْمَحْصُولُ ..جَاءتْ تَحْصُدُ ..فاشهَدُوا ..أنَّ الَّذِينَ انْهَزَموا أو عَرْبَدُوا ..والذينَ اعْتَرَضُوا أو أيَّدُوا ..والَّذِينَ احتَشَدُوا ..كُلُّهُمْ كانَ لهُ دَوْرٌ فأدَّاهُ ..وتَمَّ الْمَشْهَدُ! ..قُضِيَ الأمْرُ .. رَقَدْنَا وَعبيدٌ فوقَنَا قَدْ رَقَدُوا ..وَصَحَوْنا ..فإذا فَوْقَ العَبيدِ السَّيِّدُ ..أَمْرِيكَا لَوْ هِيَ اسْتَعْبَدَتِ النَّاسَ جَمِيعاً ..فَسيبقى واحِدٌ.. واحِدٌ يَشْقَى بِهِ الْمُستَعْبِدُ ..واحِدٌ يَفْنَى ولا يُسْتَعْبَدُ ..واحِدٌ يَحْمِلُ وَجْهِي، وأَحَاسِيسِي، وَصَوْتِي، وَفُؤَادِي .. واسْمُهُ مِنْ غيرِ شَكٍّ :أَحْمَدُ! ..أَمْرِيكَا لَيْسَتِ اللَّهَ ..وَلَوْ قُلْتُمْ هِيَ اللَّهُ ..فَإِنِّي مُلْحِدُ!
*لمْ أَزَلْ أمشي..وقد ضاقَتْ بِعَيْنَيَّ الْمَسَالِكْ..الدُّجَى داجٍ..وَوَجْهُ الْفَجْرِ حَالِكْ!..والْمَهالِكْ..تَتَبدَّى لي بأبوابِ الْمَمالِكْ: أنتَ هالِكْ أنتَ هالِكْ ..غيرَ أنّي لم أَزَلْ أَمْشِي..وجُرْحِي ضِحْكَةٌ تُبْكِي، ودَمْعِي ..مِـنْ بُكاءِ الْجُرْحِ ضاحِكْ!
*حَلَبَ الْبقَّالُ ضَـرْعَ الْبقَرهْ ..ملأ السَّطْلَ .. وأعطاها الثَّمَنْ ..قبّلتْ ما في يديها شاكِرهْ ..لم تكُنْ قدْ أكَلَتْ منذُ زَمنْ ..قصَدَتْ دُكّانَهُ.. مَدّتْ يديها بالذي كانَ لديها ..واشترَتْ كوبَ لَبنْ !
*أيها العصفور الجميل..أريد أن أصدح بالغناء مثلك، وأن أتنقَّل بحرية مثلك..قال العصفور: لكي تفعل كل هذا، ينبغي أن تكون عصفوراً مثلي..أأنت عصفور؟ ..لا أدري..ما رأيك أنت؟ ..إني أراك مخلوقاً مختلفاً، حاول أن تغني وأن تتنقل على طريقة جنسك..وما هو جنسي؟ ..إذا كنت لا تعرف ما جنسك، فأنت بلا ريب حمار..أيها الحمار الطيب..أريد أن أنهق بحرية مثلك، وأن أتنقّل دون هوية أو جواز سفر، مثلك .. قال الحمار:  لكي تفعل هذا..يجب أن تكون حماراً مثلي .. هل أنت حمار؟ .. ماذا تعتقد؟ ..قل عني حماراً يا ولدي، لكن صدّقني..هيئتك لا تدلُّ على أنك حمار ..فماذا أكون؟ ..إذا كنت لا تعرف ماذا تكون..فأنت أكثر حُمُورية مني! لعلك بَغْلٌ.. أيها البَغْلُ الصِّنْدِيدُ..أريد أن أكون قوياً مثلك، لكي أستطيع أن أتحمّل كل هذا القهر، وأريد أن أكون بليداً مثلك، لكي لا أتألم ممّا أراه في هذا الوطن .. قال البغل: كُنْ..مَن يمنعك؟ .. تمنعني ذِلَّتِي وَشِدَّةُ طَاعَتِي.. إذن أنت لست بَغْلاً.. وماذا أكون؟ ..أعتقد أنك كلب.. أيها الكلب الهُمام..أريد أن أطلق عقيرتي بالنباح مثلك، وأن أعقر مَن يُغضبني مثلك.. هل أنت كلب؟.. لا أدري.. طول عمري أسمع المسؤولين ينادونني بهذا الإسم، لكنني لا أستطيع النباح أو العقر.. لماذا لا تستطيع؟ ..لا أملك الشجاعة لذلك.. إنهم هم الذين يبادرون إلى عقري دائماً.. ما دُمْتَ لا تملك الشجاعة فأنت لست كلباً.. إذَن فماذا أكون؟.. هذا ليس شغلي.. إعرف نفسك بنفسك.. قم وابحث عن ذاتك.. بَحَثْتُ كثيراً دون جدوى.. ما دُمتَ تافهاً إلى هذا الحد.. فلا بُدَّ أنك من جنس زَبَد البحر.. أيُّها البحر العظيم.. إنني تافه إلى هذا الحد.. انْفِنِي من هذه الأرض أيها البحر العظيم.. احملني فوق ظهرك واقذفني بعيداً كما تقذف الزَّبَدَ.. قال البحر:  أأنت زَبَدٌ؟.. لا أدري.. ماذا تعتقد؟.. لحظةً واحدةً.. دعني أبسط موجتي لكي أستطيع أن أراك في مرآتها.. هـه.. حسناً، أدنُ قليلاً.. أ و و وه.. اللعنة..أنت مواطن عربي!.. وما العمل؟ .. تسألني ما العمل؟! أنت إذن مواطن عربي جداً.. بصراحة ..لو كنت مكانك لانتحرت.. اِبْلَعْنِي إذن أيها البحر العظيم. . آسف..لا أستطيع هضم مواطن مثلك.. كيف أنتحر إذن؟.. أسهل طريقة هي أن تضع إصبعك في مجرى الكهرباء.. ليس في بيتي كهرباء.. ألقِ بنفسك من فوق بيتك.. وهل أموت إذا ألقيت بنفسي من فوق الرصيف؟!.. مشرَّد إلى هذه الدرجة؟! لماذا لا تشنق نفسك؟.. ومن يعطيني ثمن الحبل؟.. لا تملك حتى حبلاً؟ اخنق نفسك بثيابك.. ألا تراني عارياً أيها البحر العظيم؟!.. اسمع.. لم تبقَ إلاّ طريقة واحدة، إنها طريقة مجانية وسهلة، لكنها ستجعل انتحارك مُدويّاً.. أرجوك أيها البحر العظيم.. قل لي بسرعة.. ما هي هذه الطريقة؟.. ابقَ حَيّاً!
*أَيْقِظُوني عِنْدَمَا يَمْتَلِكُ الشَّعْبُ زِمَامَهْ.. عِنْدَمَا يَنْبَسِطُ العَدْلُ بلِاَ حَدٍّ أمَامَهْ.. عِنْدَمَا يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَلاَ يَخْشَى الْمَلاَمَهْ.. عِنْدَمَا لا يَسْتَحِي منْ لبْسِ ثَوْبِ الإِسْتِقَامَهْ.. ويَرَى كُلَّ كُنُوزِ الأَرْضِ.. لاَ تَعْدِلُ في الْمِيزَانِ مِثْقَالَ كَرَامَهْ.. سَوْفَ تَسْتَيْقِظُ.. لَكِنْ.. مَا الَّذِي يَدْعُوكَ للِنَّوْمِ إِلىَ يَوْمِ القِيَّامَهْ؟
*أَكْثَرُ الأَشْيَاءِِ فِي بَلْدَتِنَا.. الأَحْزَابُ.. وَالفَقْرُ.. وَحَالاَتُ الطَّلاَقِ.. عِنْدَنَا عَشْرَةُ أَحْزَابٍ وَنِصْفُ الْحِزْبِ.. فِي كُلِّ زُقَاقِ!..كُلُّهَا يَسْعَى إِلَى نَبْذِ الشِّقَاقِ!..كُلُّهَا يَنْشَقُّ فِي السَّاعَةِ شَقَّيْنِ.. وَيَنْشَقُّ عَلَى الشَّقَّيْنِ شَقَّانِ.. وَيَنْشَقَّانِ عَنْ شَقَّيْهِمَا ..مِنْ أَجْلِ تَحْقِيقِ الْوِفَاقِ .. جَمَرَاتٌ تَتَهَاوَى شَرَراً.. وَالْبَرْدُ بَاقِ.. ثُمَّ لاَ يَبْقَى لَهَا.. إِلاَّ رَمَادُ الاِحْتِرَاقِ!.. لَمْ يَعُدْ عِنْدِي رَفِيقٌ.. رَغْمَ أَنَّ البَلْدَةَ اكْتَظَّتْ.. بِآلاَفِ الرِّفَاقِ!.. وَلِذَا شَكَّلْتُ مِنْ نَفْسِيَ حِزْباً.. ثُمَّ إِنِّي.. مِثْلَ كُلِّ النَّاسِ.. أَعْلَنْتُ عَنِ الْحِزْبِ انْشِقَاقِي!
*أَنَا لَوْ كُنْتُ رَئِيساً عَرَبِيّاً.. لَحَلَلْتُ الْمُشْكِلَهْ.. وَأَرَحْتُ الشَّعْبَ مِمَّا أَثْقَلَهْ.. أَنَا لَوْ كُنْتُ رَئِيساً.. لَدَعَوْتُ الرُّؤَسَاءَ.. وَلَأَلْقَيْتُ خِطَاباً مُوجَزاً.. عَمَّا يُعَانِي شَعْبُنَا مِنْهُ.. وَعَنْ سِرِّ الْعَنَاءِ.. وَلَقَاطَعْتُ جَمِيعَ الأَسْئِلَةِ وَقَرَأْتُ البَسْمَلَهْ.. وَعَلَيْهِمْ وَعَلَى نَفْسِي قَذَفْتُ القُنْبُلَهْ.
*كُلُّ مَا فِي بَلْدَتِي.. يَمْلَأُ قَلْبِي بِالكَمَدْ.. بَلْدَتِي غُرْبَةُ رُوحٍ وَجَسَدْ.. غُربَةٌ مِنْ غَيْرِ حَدّْ.. غُرْبَةٌ فِيهَا الْمَلاَيِينُ.. وَمَا فِيهَا أَحَدْ.. غُرْبَةٌ مَوْصُولَةٌ.. تَبْدَأُ فِي الْمَهْدِ.. وَلاَ عَوْدَةَ مِنْهَا.. لِلْأَبَدْ!
*شِئْتُ أَنْ أَغْتَالَ مَوْتِي.. فَتَسَلَّحْتُ بِصَوْتِي.. أَيُّهَا الشِّعْرُ لَقَدْ طَالَ الأَمَدْ.. أَهْلَكَتْنِي غُرْبَتِي، يَا أيُّهَا الشِّعْرُ.. فَكُنْ أَنْتَ الْبَلَدْ.. نَجِّنِي مِنْ بَلْدَةٍ لاَ صَوْتَ يَغْشَاهَا.. سِوَى صَوْتِ السُّكُوتْ!.. أَهْلُهَا مَوْتَى يَخَافُونَ الْمَنَايَا.. وَالقُبُورُ انْتَشَرَتْ فِيهَا عَلَى شَكْلِ بُيُوتْ.. مَاتَ حَتَّى الْمَوْتُ.. وَالْحَاكِمُ فِيهَا لاَ يَمُوتْ!.. ذُرَّ صَوْتِي، أَيُّهَا الشِّعْرُ، بُرُوقاً.. فِي مَفَازَاتِ الرَّمَدْ.. صُبَّهُ رَعْداً عَلَى الصَّمْتِ.. وَنَاراً فِي شَرَايِينِ البَرَدْ.. أَلْقِهِ أَفْعَى.. إِلَى أَفئِدَةِ الْحُكَّامِ تَسْعَى.. وَافْلِقِ البَحْرَ.. وَأَطبِقْهُ عَلَى نَحْرِ الأَسَاطِيلِ.. وَأَعْنَاقِ الْمَسَاطِيلِ.. وَطَهِّرْ مِنْ بَقَايَاهُمْ قَذارَاتِ الزَّبَدْ.. إِنَّ فِرْعَوْنَ طَغَى، يَا أيُّهَا الشِّعْرُ.. فَأَيْقِظْ مَنْ رَقَدْ.. قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدْ.. قُلْ هُوَ الَّلهُ أَحَدْ.. قُلْ هُوَ الَّلهُ أَحَدْ.
*حَبَسُوهْ.. قَبْلَ أَنْ يَتَّهِمُوهْ.. عَذَّبُوهْ.. قَبْلَ أَنْ يَسْتَجْوِبُوهْ.. أَطْفَأُوا سِيجَارَةً فِي مُقْلَتِهْ.. عَرَضُوا بَعْضَ التَّصَاوِيرِ عَلَيْه:.. قُلْ .. لِمَنْ هَذِي الوُجُوهْ؟.. قَالَ:لاَ أُبْصِرْ.. قَصُّوا شَفَتَيْهْ.. طَلَبُوا مِنْهُ اعْتِرَافاً.. حَوْلَ مَنْ قَدْ جَنَّدُوهْ.. وَلَمَّا عَجَزُوا أَنْ يُنْطِقُوهْ.. شَنَقُوهْ.. بَعْدَ شَهْرٍ.. بَرَّأُوهْ.. أَدْرَكُوا أَنَّ الْفَتىَ.. لَيْسَ هُوَ الْمَطْلُوبُ أَصْلاً.. بَلْ أَخُوهْ.. وَمَضَوْا نَحْوَ الأَخِ الثَّانِي.. وَلَكِنْ..وَجَدُوهْ.. مَيِّتاً مِنْ شِدَّةِ الْحُزْنِ.. فَلَمْ يَعْتَقِلُوهْ.
*بِالتَّمَادِي.. يُصْبِحُ اللِّصُّ بِأُورُبَّا.. مُدِيراً لِلنَّوَادِي.. وَبِأَمْرِيكَا.. زَعِيماً لِلْعِصَابَاتِ وَأَوْكَارِ الفَسَادِ.. وَبِأَوْطَانِي الَّتِي مِنْ شَرْعِهَا قَطْعُ الأَيَادِي.. يُصْبِحُ اللِّصُّ.. رَئِيساً لِلْبِلاَدِ. 
*زارَ الرَّئِيسُ الْمُؤْتَمَنْ.. بَعْضَ وِلاَيَاتِ الْوَطنْ.. وَحِينَ زَارَ حَيَّنَا.. قالَ لَنَا :هَاتُوا شَكَاوَاكُمْ بِصِدْقٍ فِي الْعَلَنْ.. وَلاَ تَخَافُوا أَحَداً.. فقَدْ مَضَى ذَاكَ الزَّمَنْ.. فَقَالَ صَاحِبي  حَسَنْ :يَا سَيِّدِي.. أَيْنَ الرَّغيفُ والَلّبَنْ؟.. وَأَيْنَ تَأْمِينُ السَّكَنْ؟.. وأَيْنَ تَوْفِيرُ الْمِهَنْ؟.. وأَيْنَ مَنْ.. يُوفِّرُ الدَّوَاءَ لِلْفَقِيرِ دُونَمَا ثَمَنْ؟.. يَا سَيِّدِي.. لَمْ نَرَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً أَبَداً.. قَالَ الرَّئِيسُ فِي حَزَنْ :أَحْرَقَ رَبِّي جَسَدِي.. أَكُلُّ هَذَا حَاصِلٌ فِي بَلَدِي؟!.. شُكْراً عَلَى صِدْقِكَ فِي تَنْبِيهِنَا يَا وَلَدِي.. سَوْفَ تَرَى الْخَيْرَ غَداً.وَبَعْدَ عَامٍ زَارَنَا.. وَمَرَّةً ثَانِيَّةً قَالَ لَنَا :هَاتُوا شَكَاوَاكُمْ بِصِدْقٍ فِي الْعَلَنْ.. وَلاَ تَخَافُوا أَحَداً.. فَقَدْ مَضَى ذَاكَ الزَّمَنْ.. لَمْ يَشْتَكِ النَّاسُ!.. فَقُمْتُ مُعْلِناً :أَيْنَ الرَّغِيفُ وَاللَّبَنْ؟.. وَأَيْنَ تَأْمِينُ السَّكَنْ؟.. وَأَيْنَ تَوْفِيرُ الْمِهَنْ؟.. وَأَيْنَ مَنْ.. يُوَفِّرُ الدَّوَاءَ لِلْفَقِيرِ دُونَمَا ثَمَنْ؟.. مَعْذِرَةً يَا سَيِّدِي.. وَأَيْنَ صَاحِبِي حَسَنْ؟!
*بَيْنِي وَبَيْنَ قَاتِلِي حِكَايةٌ طَرِيفَهْ.. فَقَبْلَ أنْ يَطْعُنَنِي حَلَّفَنِي بِالكَعْبَةِ الشَّرِيفَهْ.. أَنْ أَطْعَنَ السَّيْفَ أَنَا بِجُثَّتِي، فَهُوَ عَجُوزٌ طَاعِنٌ وكَفُّهُ ضَعِيفَهْ.. حَلَّفَنِي أَنْ أَحْبِسَ الدِّمَاءَ عَنْ ثِيابِهِ النَّظِيفَهْ.. فَهُو عَجُوزٌ مُؤمِنٌ سَوْفَ يُصَلِّي بَعْدَمَا يَفْرَغُ مِنْ تَأْدِيَّةِ الْوَظِيفَهْ.. شَكَوْتُهُ لِحَضْرَةِ الْخَلِيفَهْ.. فَرَدَّ شَكْوَايَ لِأَنَّ حُجَّتِي سَخِيفَهْ.
*قالَ بَغْلٌ مُسْتَنِيرٌ وَاعِظاً بَغْلاً فَتِيَّا: يَا فَتَى إِصْغِ إليَّا.. إِنَّمَا كَانَ أَبُوكَ امْرُءَ سُوءٍ.. كَذَا أُمُّكَ قَدْ كَانَتْ بَغِيَّا.. أَنْتَ بَغْلٌ يَا فَتَى.. وَالبَغْلُ نَغْلٌ.. فَاحْذَرِ الظَّنَّ بِأَنَّ اللهَ قَدْ سَوَّاكَ نَبِيَّا.. يَا فَتىَ.. أَنْتَ غَبِيٌّ.. حِكْمَةُ اللهِ-لِأَمْرٍ مَا-أَرَادَتْكَ غَبِيّاً.. فَاقْبَلِ النُّصْحَ.. تَكُنْ بِالنُّصْحِ مَرْضِيّاً رَضِيَّا.. أَنْتَ إِنْ لَمْ تَسْتَفِدْ مِنْهُ.. فَلَنْ تَخْسِرَ شَيَّا.. يَا فَتَى.. مِنْ أَجْلِ أَنْ تَحْمِلَ أَثْقَالَ الْوَرَى صَيَّرَكَ اللهُ قَوِيَّا.. يَا فَتَى.. فَاحمِْلْ لَهُمْ أَثْقَالَهُمْ مَادُمْتَ حَيَّا.. وَاسْتَعِذْ مِنْ عُقْدَةِ النَّقْصِ.. فَلاَ تَرْكَلْ ضَعِيفاً حِينَ تَلْقَاهُ ذَكِيَّا .. يَا فَتَى.. احْفَظْ وَصَايَايْ تَعِشْ بَغْلاً.. وَإِلاَّ.. رُبَّمَا يَمْسَخُكَ اللهُ.. رَئِيساً عَرَبِيَّا!
هوامش:
نَغْلٌ: ابن زنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق