القدوة الحسنة: أنزه وأشرف وأزهد رئيس دولة على وجه الكرة الأرضية

"الْحُرِّيَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ هِيَ الْقُدْرَةُ عَلَى أَلاَّ تَمْتَلِكَ إِلاَّ الْقَلِيلَ" خوسيه موخيكا
القدوة الحسنة: أنزه وأشرف وأزهد رئيس دولة على وجه الكرة الأرضية

إنه السيد المحترم خوسيه موخيكا José  Mujica الرئيس الأربعون لدولة الأوروغواي في الفترة ما بين 2010-2015، الذي شارك في حرب العصابات المعروفة باسم توباماروس Tupamaros في السنوات 1960-1970، وقد تم احتجازه كرهينة من قبل الديكتاتورية التي كانت تجثم على الأوروغواي في الفترة الممتدة من 1973 إلى 1985، وتعرض خلال هذه الحقبة لتعذيب وحشي ولا إنساني من طرف جلادي النظام الديكتاتوري، وبعد انتصار الحق على الباطل وتثبيت دعائم الديمقراطية في الأوروغواي، ساهم مساهمة فعالة في إنشاء حركة المشاركة الشعبية  مع حركة توباماروس للتحرير الوطني.
انتخِبَ عضوا في مجلس الشيوخ، ثم عُيِّنَ وزيرا للزراعة في حكومة تاباري فاسكيز Tabaré Vázquez سنة 2005، وفاز في الانتخابات التمهيدية في يونيو 2009، دخل الائتلاف اليساري لجبهة أمبليو وتم انتخابه في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية ضد مرشح الحزب الوطني لويس ألبرتو لاكال Luis Alberto Lacalle بحصوله على 52.9٪ من الأصوات مقابل 42.9٪، وتولى المنصب رئيس جمهورية الأوروغواي في 1 مارس 2010.
من المعروف لدى الخاص والعام بالأوروغواي أن خوسيه موخيكا كان يرفض رفضا قطعيا المزايا التي يمنحها له منصبه كرئيس للجمهورية، وقد قام خلال ولايته الرئاسية بإصلاحات برغماتية عميقة ذات طابع ديمقراطي اجتماعي تضامني لتلبية الحاجيات الحقيقية لشعبه.
كان هذا الرئيس الزاهد لا يمتلك للتنقل سوى سيارة  فولكس فاغن بيتيل قديمة صُنعت عام 1987 ولايتجاوز ثمنها 2000 دولار، وكان يُقيم في مزرعة جد بسيطة في المنزل الذي تمتلكه زوجته 'لوسيا توبولانسكي'، وكان يفتح  أبواب القصر الرئاسي لاستقبال المشردين عندما تمتلأ  مراكز  الإيواء بالعاصمة مونتيفيديو، وكان يتبرع بتسعين في المائة من مرتبه الشهري البالغ 12.000  دولار لفائدة الجمعيات الخيرية، ولا يتبقى لديه سوى 1.000  دولار، معتبرا أن هذا المبلغ الأخير يكفيه كرئيس دولة ليعيش حياة كريمة مقارنة بالعديد من أفراد شعبه الذين لا يجدون إلى ذلك سبيلا.
فمن يا ترى يجرؤ على ذلك من السياسيين المسلمين من مراكمي الثروات بدون ضوابط ولا كوابح ولا مروءة ولا شرف  ولا نزاهة ولا أمانة ولا أخلاق على الإطلاق، واحسرتاه على العباد!
من الأقوال السديدة لهذه الشخصية المحترمة اقتبست ما يلي:
*حققنا العدالة بين المواطنين، وساوينا بينهم في الأجور والامتيازات فاختفى الفساد، ولم نكلف الدولة أجهزة لمكافحته أو ميزانيات لمحاربته.
*ينبغي إبعاد المهووسين بالمال عن السياسة، إنهم يمثلون خطرا.
*الحرية الحقيقية هي القدرة على ألا تمتلك إلا القليل.
*السياسة هي الكفاح من أجل السعادة الجماعية.
*ليس الفقراء هم أولئك الذين يملكون القليل، ولكن هم أولئك الذين يرغبون في الكثير.
* لماذا قام الناس بالثورات؟ باسم المساواة وما إلى ذلك.. كل تلك الصروح الرئاسية، ليس هناك فارق كبير، في ألمانيا رافقني موكب من 25 دراجة بخارية بي إم في، وضعوني في سيارة مرسيدس، يزن كل باب فيها 3 أطنان بسبب التصفيح، لم كل ذلك؟ غير معقول.. أبقى متواضعًا وآخذ ما يأتي، أتكيف ولكن رغم ذلك يجب أن أعبر عن رأيي، لا تنقصنا الوسائل، الإرادة السياسية هي الغائبة، لا تهتم الحكومات إلا بنتائج الانتخابات القادمة وبمن سيكون الرئيس، يتصارعون على السلطة وينسون الناس والرهانات العالمية، الأزمة ليست إيكولوجية بل سياسية، هذه المرحلة من الحضارة تستلزم توافقًا عالميًا، لكننا ننظر في اتجاه آخر، تعمينا الشوفينية والعطش للهيمنة بالأخص في أقوى البلدان، وهي التي عليها أن تكون قدوة، عار أننا منذ 25 سنة أي منذ اتفاقية كيوتو لا زلنا نتقاعس عن تطبيق إجراءات بسيطة، ياللعار، قد يكون الإنسان الحيوان الوحيد القادر على تدمير ذاته، تلك هي المعضلة التي تنتظرنا، ليتني على خطأ.
* إما أن نسعد بقليل من الأشياء دون أن نرتبك بأغراض كثيرة، لأن السعادة نملكها في ذاتنا، أو أننا لن نصل إلى شيء، أنا لا أدافع عن الفقر بقدر ما أدافع عن الزهد، لكننا اخترعنا مجتمعًا استهلاكيًا يلهث وراء النمو المستمر، غير أنه لا نمو.. إذًا هناك مأساة، اخترعنا لأنفسنا جبالاً من الاحتياجات الغامضة، يجب باستمرار أن نرمي ونشتري ونرمي، ونحن في الحقيقة نبذر حياتنا.
*إن الأمر بمنتهى البساطة، فهمت المعضلة؟ الطائرة الرئاسية أو حوامة الإنقاذ، نعود دائمًا إلى هذه النقطة، يبدو لي أن الأمر يتعلق هنا بالزهد، أنا لا أنادي بالعودة إلى الكهوف ولا إلى أكواخ القش إطلاقًا، ليس هذا هو المطلوب، ما أدعو إليه هو وضع حد للتبذير، للمصاريف غير المجدية، للبيوت الفخمة التي تفترض الاستعانة بأعداد كبيرة من الخدم، لماذا كل هذا؟ لماذا؟ هذا يفوق الحاجة، يمكن أن نعيش بزهد أكبر، يمكن أن نخصص مواردنا للأمور التي هي مهمة فعلا للجميع، هذا هو المعنى الحقيقي لمفهوم الجمهورية، المعنى الذي فُقِدَ في السياسة، لو استمررنا مع ملكياتنا، مع ولاياتنا الإقطاعية، مع المقطعين الذين ينفخون في البوق، عندما يخرج السيد للصيد، لو استمررنا في ذلك لبقينا في القرون الوسطى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق