لا تزال مدينة هاي وايكومب من مقاطعة بوكينغامشير في انكلترا تمارس عادة قديمة منذ عدة قرون وتدعى رتبة التقبين، ففي بداية كل شهر مايو من كل سنة يجتمع في الساحة العامة حاكم المدينة وزوجته ومساعده وزوجته وسكرتير الحاكمية وأعضاء المجلس البلدي، حيث يوزنون كل بدوره ليعرف الناس إذا كان حكام المدينة قد سمنوا على حساب الشعب، كانت هذه الرتبة السنوية قد أُلغيت في القرن السابع عشر حين تسلم 'كرومويل' وعصبة المتزمتين الحكم، غير أنها أُعيد إحيائها مع مطلع القرن التاسع عشر.
ولنفترض لو طُبق هذا الشرط على أعضاء مجالسنا الـمُنْتَخَبة فلن تكون النسبة المرتفعة للسمان مفاجأة لنا، لأن الذين دخلوا هذه المجالس ضِعافا هِزالا بالكاد ينطقون سرعان ما تكرشوا وعلت قفاهم أسنمة كأسنمة الجمال، وتفننوا في صياغة اللغو وتحذلقوا فيه على الرغم مما يبدو عليهم من آيات الغباء، وقديماً قال الحكماء: "البطنة تذهب الفطنة"، والعلم النافع المقرون بالعمل يحتاج إلى فطنة ونباهة وسرعة بديهة، فالغالب أن الإنسان إذا شغل أجهزته الداخلية بكثرة الطعام والشراب فإن ذلك سيخفض من تفكيره وبالتالي لا يمكن أن يحرز المطلوب من العلم والعمل، ومن المؤسف حقا أن يكثر النوم والاسترخاء وتزجية الوقت وراء الجدران المغلقة في الكثير من مجالسنا، لدرجة أن المرء يظن أن هذه الاجتماعات ليست سوى أشواط استراحة من هموم وتعب الجري وراء المشاريع والشركات والأرصدة البنكية، ويصاب المرء أحيانا بالحيرة ولا يجد مبررا عقلانيا واحدا لنائب متكئ على رأسه فاتح فاه وهو يغط في نومه العميق، والإنسان في جميع الأحوال ما دام شبعاناً راغباً في الدنيا مقبلاً عليها لا يمكنه أن ينال علما أو يعلمه، وعزيز عليه أن يحمل أمانة أو يكون أهلا لها، بل ليس بمقدوره أن يتحمل مسؤولية ولو مجموعة صغيرة من الخرفان، ولقمان في نصيحته لابنه يقول: "إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة، وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة"، والرسول الكريم (ص) يقول: "لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب، فإن القلوب تموت كالزرع إذا كثر عليه الماء"، وفي حديث آخر: "ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان ولابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنَفَسه"، ويقول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: "ما خُلقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همها علفها أو المرسلة شغلها تقممها، تكترش من أعلافها وتلهو عما يُراد بها، وكأني بقائلكم يقول إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضعف عن قتال الأقران ومنازلة الشجعان، ألا وإن الشجرة البرية أصلب عوداً والروائع الخضرة أرق جلوداً والنباتات البدوية أقوى وقوداً وأبطأ خمودا".
ولنفترض لو طُبق هذا الشرط على أعضاء مجالسنا الـمُنْتَخَبة فلن تكون النسبة المرتفعة للسمان مفاجأة لنا، لأن الذين دخلوا هذه المجالس ضِعافا هِزالا بالكاد ينطقون سرعان ما تكرشوا وعلت قفاهم أسنمة كأسنمة الجمال، وتفننوا في صياغة اللغو وتحذلقوا فيه على الرغم مما يبدو عليهم من آيات الغباء، وقديماً قال الحكماء: "البطنة تذهب الفطنة"، والعلم النافع المقرون بالعمل يحتاج إلى فطنة ونباهة وسرعة بديهة، فالغالب أن الإنسان إذا شغل أجهزته الداخلية بكثرة الطعام والشراب فإن ذلك سيخفض من تفكيره وبالتالي لا يمكن أن يحرز المطلوب من العلم والعمل، ومن المؤسف حقا أن يكثر النوم والاسترخاء وتزجية الوقت وراء الجدران المغلقة في الكثير من مجالسنا، لدرجة أن المرء يظن أن هذه الاجتماعات ليست سوى أشواط استراحة من هموم وتعب الجري وراء المشاريع والشركات والأرصدة البنكية، ويصاب المرء أحيانا بالحيرة ولا يجد مبررا عقلانيا واحدا لنائب متكئ على رأسه فاتح فاه وهو يغط في نومه العميق، والإنسان في جميع الأحوال ما دام شبعاناً راغباً في الدنيا مقبلاً عليها لا يمكنه أن ينال علما أو يعلمه، وعزيز عليه أن يحمل أمانة أو يكون أهلا لها، بل ليس بمقدوره أن يتحمل مسؤولية ولو مجموعة صغيرة من الخرفان، ولقمان في نصيحته لابنه يقول: "إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة، وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة"، والرسول الكريم (ص) يقول: "لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب، فإن القلوب تموت كالزرع إذا كثر عليه الماء"، وفي حديث آخر: "ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان ولابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنَفَسه"، ويقول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: "ما خُلقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همها علفها أو المرسلة شغلها تقممها، تكترش من أعلافها وتلهو عما يُراد بها، وكأني بقائلكم يقول إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضعف عن قتال الأقران ومنازلة الشجعان، ألا وإن الشجرة البرية أصلب عوداً والروائع الخضرة أرق جلوداً والنباتات البدوية أقوى وقوداً وأبطأ خمودا".
وآخر ملوك مصر فاروق الذي كان مشهورا بشراهته في الأكل والبذخ الذي كان يحيط به نفسه، و كان يزن أكثر من مائة وثلاثين كيلوغراما مات عن سن خمس وأربعين سنة شهيد بطنه بعد تناوله وجبة أكثر من سخية في مطعمه الروماني المفضل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق