"الشعر غناء الروح الذي يُضفي معنى على الحياة، والتلفزيون آلة لغسل الأدمغة وتفريخ مجتمعات من الأغبياء" الـمدون
يقول ابن رشيد القيرواني في كتابه 'العمدة': العرب أفضل الأمم، وحكمتها أشرف الحكم لفضل اللسان على اليد، والشعر كما رُوِيَ عن النبي (ص) كلام مؤلف، وما لم يوافق الحق منه فلا خير فيه، واستدل الزبير بن بكار قال سمعت العمري يقول: رووا أولادكم الشعر فإنه يحل عقدة اللسان، ويشجع قلب الجبان، ويطلق يد البخيل، ويحض على الخلق الجميل، وقال ميخائيل نعيمة: "الشعر لغة النفس والشاعر ترجمان النفس"، وبرع الإمام علي كرم الله وجهه بكلام وجيز وبليغ لما قال: "خير الشعر ما كان مثلا، وخير الأمثال ما كان شعرا"، وقال أبو الطيب المتنبي:
وَمَا قُلْتُ مِنْ شِعْرٍ تَكَادُ بُيُوتُهُ إِذَا كُتِبَتْ يَبْيَضُّ مِنْ نُورِهَا الحِبْرُ
وأحسن وأجاد دعبل الخزاعي لما قال:
يَمُوتُ رَدِيئُ الشِّعْرِ مِنْ قَبْلِ أَهْلِهِ وَجَيِّدُهُ يَحْيَا وَإِنْ مَاتَ قَائِلُهُ
أبو العتاهية في حب السلطة والتسلط:
حُبُّ الرِئاسَةِ أَطْغَى مَنْ عَلَى الأَرْضِ حَتَّى بَغَى بَعْضُهُمْ فِيهَا عَلَى بَعْضِ
حُبُّ الرِّئَاسَةِ دَاءٌ لاَ دَوَاءَ لَهُ وَقَلَّ مَا تَجِدُ الرَّاضِينَ بِالْقَسَمِ
الشيخ عبد الغني النابلسي في الترفع عن الأحقاد:
كُنْ كَالنَّخِيلِ عَنِ الأَحْقَادِ مُرْتَفِعاً يُؤْذَى بِرَجْمٍ فَيُعْطِي خَيْرَ أَثْمَارِ
وَاصْبِرْ إِذَا ضِقْتَ ذِرْعاً وَالزَّمَانَ سَطَا لاَ يَحْصُلُ اليُسْرُ إِلاَّ بَعْدَ إِعْسَارِ
أبو الليل العلوي في الرجاء:
إِذَا انْقَطَعَ الرَّجَا مِنْ كُلِّ حَيٍّ فَفِي اللهِ الْكِفَايَةُ وَالرَّجَاءُ
سَيُغْنِينِي الَّذِي أَغْنَاكَ عَنِّي فَلاَ فَقْرٌ يَدُومُ وَلاَ غِنَاءُ
عبدالله البردوني عن الفوارق الاجتماعية الصارخة:
مَا أَغْرَبَ الدُّنْيَا عَلَى أَحْضَانِهَا عُرْسٌ يُغَنِّيهَا وَيَبْكِي مَأْتَمُ
بَيْتٌ يَمُوتُ الفَأْرُ خَلْفَ جِدَارِهِ جُوعاً وَبَيْتٌ بِالْمَوَائِدِ مُتْخَمُ
وشاعر آخر في الحياء:
إِذَا قَلَّ مَاءُ الْوَجْهِ قَلَّ بَهَاؤُهُ وَلاَ خَيْرَ فِي وَجْهٍ إِذَا قَلَّ مَاؤُهُ
حَيَاؤُكَ فَاحْفِظْهُ عَلَيْكَ فَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الكَرِيمِ حَيَاؤُهُ
الشافعي في فضل العلم والتعلم:
تَعَلَّمْ فَلَيْسَ الْمَرْءُ يُولَدُ عَالِماً وَلَيْسَ أَخُو عِلْمٍ كَمَنْ هُوَ جَاهِلُ
وَإِنَّ كَبِيرَ الْقَوْمِ لاَ عِلْمَ عِنْدَهُ صَغِيرٌ إِذَا الْتَفَّتْ عَلَيْهِ الْجَحَافِلُ
وَإِنَّ صَغِيرَ الْقَوْمِ إِنْ كَان عَالِماً كَبِيرٌ إِذَا رُدَّتْ إِلَيْهِ الْمَحَافِلُ
الشافعي في الذنوب:
وَلَمَّا قَسَا قَلْبِي وَضَاقَتْ مَذَاهِبِي جَعَلْتُ رَجَائِي نَحْوَ عَفْوِكَ سُلَّماً
تَعَاظَمَنِي ذَنْبِي فَلَّمَا قَرَنْتُهُ بِعَفْوِكَ رَبِّي كَانَ عَفْوُكَ أَعْظَمَاً
فَمَازِلْتَ ذَا عَفْوٍ عَنِ الذَّنْبِ لَمْ تَزَلْ تَجُودُ وَتَعْفُو مِنَّةً وَتَكَرُّماً
عبد الله بن المبارك في الذنوب:
رَأَيْتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ القُلُوبَ وَيَخْتَرِمُ الْعَقْلَ إِدْمَانُهَا
وَتَرْكُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ القُلُوبِ وَخَيْرٌ لِنَفْسِكَ عِصْيَانُهَا
وَهَلْ أَفْسَدَ الدِّينَ الْمُلُوكُ وَأَحْبَارُ سُوءٍ وَرُهْبَانُهَا
فَبَاعُوا النُّفُوسَ وَلَمْ يَرْبَحُوا وَلَمْ تَغْلُ فِي الْبَيْعِ أَثْمَانُهَا
الطغرائي في حفظ السر:
وَلاَ تَسْتَوْدِعَنَّ السِرَّ إلَّا فُؤَادَكَ فَهُوَ مَوْضِعُهُ الأَمِينُ
إِذَا حُفَّاظُ سِرِّكَ زِيدَ فِيهُمْ فَذَاكَ السِّرُّ أَضْيَعُ مَا يَكُونُ
ابن المحجلي العنتري في فضيلة الصمت:
مَنْ لَزِمَ الصَّمْتَ اكْتَسَى هَيْبَةً تُخْفِي عَنِ النَّاسِ مَسَاوِيهِ
لِسَانُ مَنْ يَعْقِلُ فِي قَلْبِهِ وَقَلْبُ مَنْ يَجْهَلُ فِي فِيهِ
وأختم هذا الموضوع بهذه الأبيات المقتبسة عن حماسة أبي تمام الذي نسبها لعباس بن مرداس الصحابي الشاعر، وقال أبو رياش إنها لمعاوية بن مالك بن جعفر بن كلاب مُعَوِّد الحُكماء، وقد جاءت كما رواها أبو علي القالي على شكل نصيحة غالية لكل من تسول له نفسه أن يحقر خلقا من خلق الله من خلال أحكامه المسبقة على المظاهر:
تَرَى الرَّجُلَ النَّحِيفَ فَتَزْدَريهِ وَفِي أَثْوَابِهِ أَسَدٌ هَصُورُ
ويُعْجِبُكَ الطَّرِيرُ فَتَبْتَلِيهِ فَيُخْلِفُ ظَنَّكَ الرَّجُلُ الطَّرِيرُ
بُغَاثُ الطَّيْرِ أَطْوَلُهَا رِقَاباً وَلَمْ تَطُلِ الْبُزَاةُ وَلاَ الصُّقُورُ
خَشَاشُ الطَّيْرِ أَكْثَرُهَا فِرَاخاً وَأُمُّ الصَّقْرِ مِقْلاَتٌ نَزُورُ
ضِعَافُ الأُسْدِ أَكْثرُهَا زَئِيراً وَأَصْرَمُهَا اللَّوَاتِي لاَ تَزِيرُ
وَقَدْ عَظُمَ الْبَعِرُ بِغَيْرِ لُبًّ فلَمْ يَسْتَغْنِ بِالعِظَمِ الْبَعِيرُ
يُنَوَّخُ ثُمّ يُضْرَبُ بِالْهَرَاوَى فَلاَ عُرْفٌ لَدَيْهِ وَلاَ نَكِيرُ
يُقَوِّدُهُ الصَّبِيُّ بِكُلِّ أَرْضٍ وَيَنْحُرُهُ عَلَى التُّرْبِ الصَّغِيرُ
فَمَا عِظَمُ الرِّجالِ لَهُمْ بِزَيْنٍ وَلَكِنْ زَيْنُهُمْ كَرَمٌ وخَيْرُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق