المدينة المُستباحة

المدينة المُستباحة
وَعِنْدَمَا تَعَرَّتِ الْمَدِينَةُ
رَأَيْتُ فِي عُيُونِهَا الْحَزِينَةِ
مَبَاذِلَ السَّاسَةِ وَاللُّصُوصِ وَالْبَيَاذِقِ
رَأَيْتُ فِي عُيُونِهَا الْمَشَانِقَ
تُنْصَبُ وَالسُّجُونَ وَالْمَحَارِقَ
وَالْحُزْنَ وَالضَّيَاعَ وَالدُّخَّانَ
رَأَيْتُ فِي عُيُونِهَا الإِنْسَانَ
يُلْصَقُ مِثْلَ طَابَعِ الْبَرِيدِ
فِي أَيِّمَا شَيْءٍ
رَأَيْتُ الدَّمَ وَالْجَرِيمَةَ
وَعُلَبَ الْكِبْرِيتِ وَالْقَدِّيدِ
رَأَيْتُ فِي عُيُونِهَا الطُّفُولَةَ اليَتِيمَةَ
ضَائِعَةً تَبْحَثُ فِي الْمَزَابِلِ
عَنْ عَظْمَةٍ، عَنْ قَمَرٍ يَمُوتُ فَوْقَ جُثَثِ الْمَنَازِلِ
رَأَيْتُ إِنْسَانَ الْغَدِ الْمَعْرُوضِ فِي وَاجِهَةِ الْمَخَازِنِ
وَقِطَعَ النُّقُودِ وَالْمَدَاخِنِ
مُجَلَّلاً بِالْحُزْنِ وَالسَّوَادِ
مُكَبَّلاً يَبْصُقُ فِي عُيُونِهِ الشُّرْطِيُّ واللُّوطِيُّ والْقَوَّادُ
رَأَيْتُ فِي عُيُونِهَا الْحَزِينَةِ
حَدَائِقَ الرَّمَادِ
غَارِقَةً فِي الظِّلِّ وَالسَّكِينَةِ
وَعِنْدَمَا غَطَّى الْمَسَاءُ عُرْيَهَا
وَخَيَّمُ الصَّمْتُ عَلَى بُيُوتِهَا الْعَمْيَاءِ
تَأَوَّهَتْ، وَابْتَسَمَتْ رَغْمَ شُحُوبِ الدَّاءِ
وَأَشْرَقَتْ عُيُونُهَا السَّوْدَاءِ بِالطِّيبَةِ وَالصَّفَاءِ
مراجع:
قصيدة 'المدينة' للشاعر العراقي الكبير وأحد رواد الشعر الحر في العالم العربي عبدالوهاب البياتي رحمه الله (1926-1999).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق