"فَإِنْ ثَبِتَّ إِلَى أَنْ نَقْدِمَ عَلَيْكَ فَأَنْتَ نَصْرَانِيٌّ حَقِيقِيٌّ شُجَاعٌ، وَإِلاَّ فَأَنْتَ كَلْبٌ بْنُ كَلْبٍ"
سلطان المغرب عبدالملك السعدي مخاطبا ملك البرطقيز الصليبي 'سبستيان الأول'
بعد عدوان البرطقيز حسب المصطلح التحقيري المغربي أي البرتغاليين على مدينة سبتة المغربية يوم 21 غشت 1415 م واحتلالها تحت عدد هائل من السفن المحاربة التي بلغت 242 سفينة إبان حكم ملك الصليبيين البرطقيز 'جان الأول'، ظهر لهؤلاء أن احتلال المغرب سيكون لقمة سائغة فاستخفوا بالجيش المغربي، وكَبُرت أطماعهم في احتلال المغرب وشمال أفريقيا ومن تم التوغل في الأراضي الأفريقية البكر الغناء جنوب الصحراء كي يعيثوا فيها استغلالا وفسادا واستعبادا لأهلها الأصليين، ومن تم تركيز السيطرة المسيحية في أرجاء المغرب لتسهيل مهاجمة الشرق من جهة البحر كي يتأتى ضرب الإسلام في ظهره على حد تعبير الضابط والمؤرخ البرتغالي 'فاسكو دي كارفالو'، ولأجل تحقيق هدفهم المنشود تحالفت معظم دول أوروبا الإمبريالية الصليبية بالرعاية الفعلية والعلنية للفاتيكان، وكونت جيشا جرارا من برطقيز وصبليون وطاليان وألمان ومرتزقة لمواجهة دولة الأشراف السعديين بالمغرب الأقصى.
والتقت مصالح ملك البرتغال 'سبستيان الأول' مع مصالح الخائن محمد المتوكل الذي استنصر به طمعا في إزاحة أبو مروان عبد الملك عن السلطة وتنصيب نفسه حاكما بدلا منه، مقابل تنازل هذا الخائن الجبان عن جميع شواطئ المغرب للصليبيين، ومن تم كسر شوكة دولة الشرفاء السعدين حتى لا تفكر مرة أخرى في إعادة الكرة للحملة على الأندلس الضائعة لاسترجاعها.
والتقت مصالح ملك البرتغال 'سبستيان الأول' مع مصالح الخائن محمد المتوكل الذي استنصر به طمعا في إزاحة أبو مروان عبد الملك عن السلطة وتنصيب نفسه حاكما بدلا منه، مقابل تنازل هذا الخائن الجبان عن جميع شواطئ المغرب للصليبيين، ومن تم كسر شوكة دولة الشرفاء السعدين حتى لا تفكر مرة أخرى في إعادة الكرة للحملة على الأندلس الضائعة لاسترجاعها.
وقد استعد البرتغاليون لهذه الحملة الصليبية بتعبئة ما بين 60.000 و125.000 مقاتل وذلك بحسب المصادر التاريخية، من صبليون وألمان وطاليان وبرطقيز من المتطوعين والمرتزقة والمتحمسين الذين حركتهم الحمية الصليبية، إضافة لشرذمة كانت مع الخائن المتوكل تتراوح ما بين 300 و6.000 مقاتل، بينما بلغ الجيش المغربي بقيادة أبو مروان عبد الملك 40.000 مجاهد.
ومع حلول يوم 24 يونيو من سنة 1578 أبحرت سفن الصليبيين من ميناء لشبونة باتجاه المغرب، فرست بطنجة حيث التقى الخائن محمد المتوكل بالصليبي ملك البرتغال 'سبستيان الأول'، وما كاد ملك النصارى يبدأ في التحضير لعدوانه على المغرب حتى وصله كتاب من مدينة مراكش باسم أبو مروان عبدالملك سلطان المغرب يقول فيه:" إِنَّ سَطْوَتَكَ قَدْ ظَهَرَتْ فِي خُرُوجِكَ مِنْ أَرْضِكَ وَجَوَازِكَ العدْوَةَ، فَإِنْ ثَبِتَّ إِلَى أَنْ نَقْدِمَ عَلَيْكَ فَأَنْتَ نَصْرَانِيٌّ حَقِيقِيٌّ شُجَاعٌ، وَإِلاَّ فَأَنْتَ كَلْبٌ بْنُ كَلْبٍ"، ثم خرج من مدينة مراكش أبو مروان عبدالملك بالرغم من مرضه وتدهور حالته الصحيه باتجاه مدينة القصر الكبير شمال المغرب بعد أن أمر أخاه أحمد المنصور للخروج من مدينة فاس ونسف قنطرة وادي المخازن الوحيدة التي كانت تربط بين ضفتيه تحت جنح الظلام.
وفي صبيحة يوم الإثنين 4 أغسطس من سنة 1578 اندلعت إحدى معارك العزة والفخر المغربية التاريخية، التي لم يمض على بدايتها أربع ساعات ونصف فقط حتى تم تبديد وتشتيت جيوش الصليبيين وهزمهم هزيمة ساحقة نكراء لم تتذوق البرتغال مثيلا لها في تاريخها، بعد مصرع ملكهم 'سبستيان الأول' و12.000 من جنده وقاداته ونبلاءه، ووقوع 16.000 منهم أسرى في أيدي المجاهدين المغاربة، في حين فقد الجيش المغربي 1.500 شهيد، وأمام هذا المشهد الدراماتيكي المهول لم يجد الخائن محمد المتوكل الذي لم يكن يجيد قتالا سوى أن يرمي بنفسه في وادي المخازن محاولا الفرار والنجاة بجلده، غير أن وادي المخازن أبى إلا أن يغرقه ثم يلفظه ويتركه عبرة للعالمين، من بعدما أخرج المجاهدون جثته وسلخوا جلدها ثم ملأوه ثبنا وطافوا به في البلاد، أما سلطان المغرب أبو مروان عبدالملك فقد لفظ أنفاسه الأخيرة في خيمته بالمعسكر واضعا سبابته على فمه عندما كانت المعركة في أوجها وأشدها، فتم تنصيب أخيه أحمد المنصور السعدي سلطانا في نفس الخيمة، واقتضت الضرورة الحربية كثمان سر وفاته حتى انتهاء المعركة كما أمر وهو واضع سبابته على فمه.
ومن نتائج هذه المعركة المجيدة انهيار مملكة البرتغال عسكريا ولم تقم لها قائمة بعد هذا اليوم التاريخي المشهود، من بعدما كانت امبراطورية مستعلية في الأرض يُقام لها ويُقعد، مما حدا بالإسبان إلى ضم البرتغال إلى مملكتهم... وَالتاريخ ملبئ بالدروس والعبر لمن أراد أن يعتبر.. فَكَمَا تَدِينُ تُدَانُ.